الأصل فيه. وحكى سيبويه أنه يقال راء يا هذا ، على القلب. (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) ويجوز مصرفا على أنه مصدر ، وكسر الراء على أنه اسم للموضع ، والمعنى ولم يجدوا موضعا يتهيّأ لهم الانصراف إليه.
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) (٥٥)
(أَنْ) الأولى في موضع نصب والثانية في موضع رفع ، وسنة الأولين الاستئصال. (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) (١) على الحال ، ومذهب الفراء أن قبلا قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا ، ويجوز عنده أن يكون المعنى عيانا ، قال الأعرج : وكانت قراءته (قبلا) معناه جميعا. قال أبو عمرو : وكانت قراءته (قبلا) (٢) معناه عيانا. قال أبو جعفر : وهذا من المجاز لمّا كانوا قد جاءتهم البراهين وما ينبغي أن يؤمنوا به وما ينبغي أن يقبلوه كانوا بمنزلة من منعه أن يؤمن أحد هذين.
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦)
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) على الحال.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (٥٧)
(وَمَنْ أَظْلَمُ) أي لنفسه (مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها) أي عن قبولها (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) ترك كفره ومعاصيه فلم يتب منها.
(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (٥٩)
(وَتِلْكَ) في موضع رفع بالابتداء و (الْقُرى) نعت أو بدل (أَهْلَكْناهُمْ) في موضع الخبر محمول على المعنى لأن المعنى أهل القرى ، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب على قول من قال : زيدا ضربته (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (٣) قيل : المعنى أنه قيل لهم : إن لم يؤمنوا أهلكتهم وقت كذا ومهلك من أهلكوا ، وقرأ عاصم (مهلكا) (٤) بفتح الميم واللام ، وهو مصدر هلك ، وأجاز الكسائي والفراء (لِمَهْلِكِهِمْ)
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ١٤٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ١٣٢.
(٣) و (٤) انظر تيسير الداني ١١٧.