يحيى ، قال : المعنى : واتّخذ موسى سبيل الحوت في البحر فعجب عجبا. قال أبو جعفر : وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : موسى صلىاللهعليهوسلم تتبّع أثر الحوت وتنظّر إلى دورانه في الماء وتعجّب من تغيّبه فيه.
(قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٦٤)
(قالَ ذلِكَ) مبتدأ (ما كُنَّا نَبْغِ) خبره وحذفت الياء لأنه تمام الكلام فأشبه رؤوس الآيات (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) أي رجعا في الطريق الذي جاءا منه يقصّان الأثر قصصا.
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (٦٦)
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ) يكون نعتا ، ويكون مستأنفا. (وَعَلَّمْناهُ) معطوف عليه. (مِنْ لَدُنَّا) مبنية لأنها لا تتمكن (عِلْماً) مفعول ثان. وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة (رُشْداً) (١) وقرأ أبو عمرو (رشدا) (٢) وهما لغتان بمعنى واحد.
(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (٦٨)
مصدر لأن معنى أحطت به وخبرته واحد ، ومثله : [الطويل]
٢٧٧ ـ فسرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا |
|
ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال (٣) |
لأن معنى رضت أذللت.
(قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) (٧٠)
(قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) أي إن رأيت شيئا تنكره فلا تعجلنّ بسؤالي عنه حتّى أذكره لك.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (٧١)
(قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها) وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ليغرق أهلها (٤) والمعنى واحد. (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) قيل : إنما قال له موسى صلىاللهعليهوسلم هذا لأنه لم يعلم أنه نبيّ وأنّ هذا بوحي. وقيل : لا يجوز أن يكون موسى صلىاللهعليهوسلم صحبه على أن يتعلم منه إلّا وهو نبيّ ؛ لأن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يتعلمون إلّا من الملائكة أو النبيين صلىاللهعليهوسلم ، وإنما
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١١٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ١٤٠ ، وتيسير الداني ١١٧.
(٣) مرّ الشاهد رقم (٧٨).
(٤) انظر تيسير الداني ١١٨.