على حذف المفعول أي لا يكادون يفقهون أحدا قولا ، والأول بغير حذف ، وعلى القراءتين يكون المعنى أنهم لا يفقهون ولا يفقهون.
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) (٩٤)
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) بلغتهم أو بإيماء (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) (١) وقرأ عاصم والأعرج (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) (٢) بالهمز جعلهما مشتقّين من أجيج النار عند الكسائي ، ويكونان عربيّين ولم يصرفا جعلا اسمين لقبيلتين. (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم ، وقرأ سائر الكوفيين خراجا (٣) ومحمد بن يزيد يذهب إلى أن الخرج : المصدر ، والخراج : الاسم ، وأن معنى استخرجت الخراج أظهرته ، ويوم الخروج يوم الظهور (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) قد ذكرناه(٤).
(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) (٩٥)
(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) مبتدأ وخبره أي الّذي مكّنّي فيه ربّي من الأسباب التي أوتيتها خير من الخراج الذي تجعلونه لي ، وقرأ مجاهد وابن كثير قال ما مكّنني (٥) فلم يدغم لأن النون الأولى من الفعل والثانية ليست منه ، والإدغام حسن لاجتماع حرفين من جنس واحد (أَجْعَلْ) جزم لأنه جواب الأمر.
(آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩٦)
قال الفراء : (ساوى) وسوّى واحد. قال أبو إسحاق : الصّدفان والصّدفان ناحيتا الجبل. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو والكسائي (قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٦) بمعنى أعطوني قطرا أفرغ ، وقراءة الكوفيين «ايتوني» بمعنى جيئوني معينين. (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) نصب في هذه القراءة بأفرغ.
(فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) (٩٧)
(فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) حكى أبو عبيد أن حمزة كان يدغم التاء في الطاء ويشدد
__________________
(١) و (٢) انظر تيسير الداني ١١٨.
(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ١٥٤.
(٤) مرّ في إعراب الآية ٩٣ ـ الكهف.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ١٥٥ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٠٠.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ١٥٥.