(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤٧)
وقد علموا أنه لا يجعلهم معهم فهذا سبيل التذلّل كما يقول أهل الجنة (رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) [التحريم : ٨] ويقولون : «الحمد لله» على سبيل الشكر لله جلّ وعزّ ولهم في ذلك لذّة.
(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) (٤٨)
أي من أهل النار.
(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٤٩)
(أَهؤُلاءِ) إشارة إلى قوم المؤمنين الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة أي أقسمتم في الدنيا لا ينالهم الله في الآخرة برحمة يوبّخونهم بذلك وزيدوا غمّا بأن قيل لهم (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) وقرأ عكرمة دخلوا الجنة (١) بغير ألف والدال مفتوحة وقرأ طلحة بن مصرف أدخلوا الجنة (٢) بكسر الخاء على أنه فعل ماض.
(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) (٥٠)
(أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) مثل «أن تلكم الجنّة» وجمع (تِلْقاءَ) تلاقيّ.
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٥١)
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) في موضع خفض نعت للكافرين وقد يكون رفعا ونصبا بإضمار (كَما نَسُوا) في موضع خفض بالكاف. (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) عطف عليه أي وكما كانوا بآياتنا يجحدون.
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥٢)
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ) أي بيّناه حتى يعرفه من تدبّره وقيل : فصّلناه أنزلناه متفرّقا. (عَلى عِلْمٍ) منّا به. (هُدىً وَرَحْمَةً) قال الفراء (٣) هو نصب على القطع. قال أبو
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٤ / ٣٠٦ ، والمحتسب ١ / ٢٤٩.
(٢) وهي قراءة ابن وثاب والنخعي أيضا ، انظر البحر المحيط ٤ / ٣٠٦.
(٣) انظر معاني الفراء ١ / ٣٨٠.