تنقص عليه وسامحه. (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) وقرأ عيسى بن عمر (بِالْعُرْفِ) (١) أي المعروف ومعنى المعروف ما كان حسنا في العقل. (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أي إذا أقمت عليهم الحجّة وأمرتهم بالمعروف فجهلوا عليك فأعرض عنهم صيانة له عنهم وترفعا لقدره عن مجاوبتهم.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٠٠)
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ) نزغ أي إن وسوس إليك الشيطان عند الغضب بما لا يحلّ. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ) لقولك (عَلِيمٌ) بما يجب في ذلك و (يَنْزَغَنَّكَ) في موضع جزم بالشرط وكّد بالنون وحسن ذلك لمّا دخلت «ما» ، وحكى سيبويه : بألم ما تختننّه (٢).
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١)
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي اتّقوا المعاصي. (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) هذه قراءة أهل البصرة وأهل مكة ، وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة طائفة وروي عن سعيد بن جبير طيّف (٣) بتشديد الياء. قال أبو جعفر : كلام العرب في مثل هذا طيف بالتخفيف على أنه مصدر من طاف يطيف ، وقال الكسائي : هو مخفّف من طيّف. قال أبو جعفر : ومعنى طيف في اللغة ما يتخيّل في القلب أو يرى في النوم وكذا معنى طائف ، وقال أبو حاتم : سألت الأصمعيّ عن طيّف فقال : ليس في المصادر فيعل. قال أبو جعفر : ليس هذا بمصدر ولكن يكون بمعنى طائف ، والمعنى : إنّ الذين اتّقوا المعاصي إذا لحقهم شيء من الشيطان تفكّروا في قدرة الله جلّ وعزّ في إنعامه عليهم فتركوا المعصية فإذا هم مستبصرون ، وروي عن مجاهد (تَذَكَّرُوا) بتشديد الذال ولا وجه له في العربية.
(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٢٠٢)
(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) قال أحمد بن جعفر : الضمير للمشركين. قال أبو حاتم : أي وإخوان المشركين وهم الشياطين. قال أبو إسحاق : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى لا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون وإخوانهم يمدونهم في
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٤ / ٤٤٤ ، قال : بضم الراء.
(٢) انظر الكتاب ٣ / ٥٨٠ ، وقد ورد المثل في خزانة الأدب ١ / ٤٠٣ ، ومجمع الأمثال ١ / ١٠٧ ، والمعنى : لا يكون الختان إلا بألم ، والمقصود أنه لا يدرك الخير إلا باحتمال المشقّة.
(٣) انظر البحر المحيط ٤ / ٤٤٥.