مفعولا على السعة فإذا قلت : صيام شهرين لم يجز أن يكون ظرفا. وعلى هذا حكى سيبويه فيما يتعدّى إلى مفعولين : [الرجز]
٤٧٠ ـ يا سارق اللّيلة أهل الدار(١)
(فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) أي فمن لم يستطع الصوم لهرم أو زمانة فعليه إطعام ستين مسكينا ، ويجوز تنوين إطعام ، وليس هاهنا من قبل أن يتماسّا ولكنه يؤخذ من جهة الإجماع ذلك ليؤمنوا بالله ورسوله. قال أبو إسحاق : أي ذلك التغليظ ، وقال غيره : فعلنا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله أي لتصدّقوا بما جاءكم فتؤمنوا. (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي هذه فرائض الله جلّ وعزّ التي حدّها (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي لمن كفر بها.
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (٥)
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي يخالفون الله ورسوله ويصيرون في حدّ أعدائه. (كُبِتُوا) أي غيظوا ، وقال بعض أهل اللغة : أي هلكوا ، قال : والأصل كبدوا من قولهم : كبده إذا أصابه بوجع في كبده (كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الكاف في موضع نصب ؛ لأنّها نعت لمصدر ولهم عذاب مهين.
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٦)
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ) العامل في يوم «عذاب» ، ولا يجوز عند البصريين أن يكون مبنيا إذا كان بعده فعل مستقبل وإنما يبنى إذا كان بعده ماض أو ما ليس بمعرب فإذا كان هكذا بني ، لأنه لما كان يحتاج إلى ما بعده ولا بد له منه أجري مجراه. فأما الكوفيون فيقولون : إنما بني لأنه بمعنى إذا فيبنى لبنائها. (جَمِيعاً) منصوب على الحال أي يوم يبعثهم الله من قبورهم إلى القيامة في حال اجتماعهم. (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي فيخبرهم بما أسرّوه وأخفوه وغير ذينك من أعمالهم (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) أي عدّه وأثبته وحفظه ونسيه عاملوه. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي على كل شيء من أعمالهم شاهد عالم به.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في الكتاب ١ / ٢٣٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٠٨ و٤ / ٢٣٣ ، والدرر ٣ / ٩٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٦٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٤٥ ، والمحتسب ٢ / ٢٩٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٣.