وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧)
أي ألم تنظر بعين قلبك فتعلم أن الله جلّ وعزّ يعلم ما في السّموات وما في الأرض لا يخفى عليه شيء من صغيرة ولا كبيرة فكيف يخفى عليه أعمال هؤلاء (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) قال مقاتل بن حيان عن الضحاك قال : هو تعالى فوق عرشه وعلمه معهم. وخفض ثلاثة على البدل من «نجوى» ويجوز أن يكون مخفوضا بإضافة نجوى إليه ، ويجوز رفعه على موضع نجوى ، ويجوز نصبه على الحال من المضمر الذي في نجوى (إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) مبتدأ وخبره ، وحكى الفراء (١) أن في حرف عبد الله ولا أربعة إلّا هو خامسهم وحكى أبو حاتم أن في حرف عبد الله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا الله رابعهم ولا خمسة إلّا الله سادسهم ولا أقلّ من ذلك ولا أكثر إلّا الله معهم إذا انتجوا. قال أبو جعفر : وهذه القراءة إن صحّت فإنما هي على التفسير لا يجوز أن يقرأ بها إلا على ذلك وقرأ يزيد بن القعقاع ما تكون (٢) من نجوى ثلاثة وهذه القراءة وإن كانت مخالفة لحجة الجماعة فهي موافقة للسواد جائزة في العربية ؛ لأن نجوى مؤنثة باللفظ و «من» فيها زائدة ، كما تقول : ما جاءني من رجل ، وما جاءتني من امرأة ، والتقدير : ولا يكون من نجوى أربعة إلّا هو خامسهم ، وحكى هارون عن عمرو عن الحسن أنه قرأ (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ) (٣) (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) عطفه على الموضع (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي ثم ينبئهم بما تناجوا به (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) من نجواهم وسرارهم وغير ذلك من أعمالهم وأعمال عباده.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٨)
قال مجاهد : هم قوم من اليهود وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة (٤) ينتاجون بالإثم والعدوان ويتناجون أبين ؛ لأنهم قد أجمعوا على أن قرءوا (إذا
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ١٤٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٣٣.
(٣) انظر معاني الفراء ٣ / ١٤٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٣٣ (قرأ الجمهور «ولا أكثر» عطفا على لفظ المخفوض ، والحسن وابن أبي إسحاق والأعمش وأبو حياة وسلام ويعقوب بالرفع عطفا على موضع نجوى).
(٤) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٣٤ ، وتيسير الداني ١٦٩.