تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا) إلّا شيئا روي عن ابن مسعود أنه قرأ أيضا وينتجون بالإثم والعدوان وعصيان الرسول (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ). قال أبو جعفر : قد ذكرنا معناه. (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) أي هلّا يعاقبنا على ذلك في وقت قولنا (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) مبتدأ وخبره ، وحكى النحويون أنه يقال : حسبك ولا يلفظ له بخبر ؛ لأنه قد عرف معناه ، وقيل : فيه معنى الأمر ؛ لأن معناه اكفف فلما كان الأمر لا يؤتى له بخبر حذف خبر ما هو بمعناه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) فيه ثلاثة أجوبة فلا تتناجوا بتاءين ، ولا تناجوا بتاء واحدة ولا تناجوا بإدغام التاء في التاء. فمن جاء به بتاءين ، قال : هي كلمة مبتدأ بها وهي منفصلة مما قبلها ، ومن جاء به بتاء واحدة حذف لاجتماع التاءين مثل تذكرون وتتذكّرون ، ومن أدغم قال : اجتمع حرفان مثلان وقبلهما ألف والحرف المدغم قد يأتي بعد الألف مثل دواب (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ) أي بما يقربكم من الله جلّ وعزّ (وَالتَّقْوى) أي باتّقائه بأداء فرائضه واجتناب ما نهى عنه. (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي الذي إليه مصيركم ومجمعكم فيجزيكم بأعمالكم.
(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٠)
(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) أصحّ ما قيل فيه قول قتادة قال : كان المنافقون يتناجون بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيسوء ذلك المسلمين ويكبر عليهم فأنزل الله جلّ وعزّ : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية ويدلّ على صحّة هذا القول ما قبله وما بعده من القرآن. وقال ابن زيد : كان الرجل يناجي النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الحاجة ويفعل ذلك ليرى الناس أنه ناجى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيوسوس إبليس للمسلمين فيقول : إنما هذه المناجاة لجموع قد اجتمعت لكم وأمر قد حضرترادون به فيحزنون لذلك. وفي الآية قول ثالث ذكره محمد بن جرير ، قال : حدّثنا محمد بن حميد قال : حدّثنا يحيى بن واضح قال : حدّثنا يحيى بن داود البجلي قال : سئل عطية العوفي وأنا أسمع عن الرؤيا فقال : الرؤيا على ثلاثة منازل منها ما يوسوس به الشيطان فذلك قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ومنها ما يحدث الرجل به نفسه فيراه في منامه ومنها أخذ باليد ، ويقرأ (لِيَحْزُنَ) والأول أفصح. (وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) قال محمد بن جرير : أي بقضاء الله وقدره ، وقيل : (بِإِذْنِ اللهِ) بما أذن الله جلّ وعزّ فيه ، وهو غمّهم