والثاني : أنه دين الإسلام. قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وأبو العالية في آخرين. والثالث : أنه الطريق الهادي إلى دين الله ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد. والرابع : أنه طريق الجنّة ، نقل عن ابن عباس أيضا. فإن قيل : ما معنى سؤال المسلمين الهداية وهم مهتدون؟ فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها : أن المعنى : اهدنا لزوم الصّراط ، فحذف اللزوم. قاله ابن الأنباريّ. والثاني : أن المعنى : ثبّتنا على الهدى ، تقول العرب للقائم : قم حتى آتيك ، أي : اثبت على حالك. والثالث : أن المعنى : زدنا هداية.
قوله تعالى : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ). قال ابن عباس : هم النبيّون ، والصّدّيقون ، والشّهداء ، والصّالحون. وقرأ الأكثرون «عليهم» بكسر الهاء ، وكذلك «لديهم» و «إليهم» وقرأهنّ حمزة بضمّها. وكان ابن كثير يصل (١) ضمّ الميم بواو. وقال ابن الأنباريّ : حكى اللّغويون في «عليهم» عشر لغات ، قرئ بعامّتها «عليهم» بضم الهاء وإسكان الميم «وعليهم» بكسر الهاء وإسكان الميم ، و «وعليهمي» بكسر الهاء والميم وإلحاق ياء بعد الكسرة ، و «عليهمو» بكسر الهاء وضمّ الميم وزيادة واو بعد الضمّة ، و «عليهمو» بضم الهاء والميم وإدخال واو بعد الميم ، و «عليهم» بضم الهاء والميم من غير زيادة واو ، وهذه الأوجه الستة مأثورة عن القرّاء ، وأوجه أربعة منقولة عن العرب «عليهمي» بضم الهاء وكسر الميم وإدخال ياء بعد الميم ، و «عليهم» بضم الهاء وكسر الميم من غير زيادة ياء ، و «عليهم» بكسر الهاء وضمّ الميم من غير إلحاق واو ، و «عليهم» بكسر الهاء والميم ولا ياء بعد الميم.
(١١) فأمّا «المغضوب عليهم» فهم اليهود ؛ و «الضّالون» : النّصارى. رواه عديّ بن حاتم عن
____________________________________
وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص ٢١ وابن الضريس ٥٨ والحاكم ١ / ٥٥٥ والآجري في «أخلاق حملة القرآن» ١١ وابن حبان في «المجروحين» ١ / ١٠٠ وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» ٤ / ٢٥٢ وأبو الفضل الرازي ٣٠ وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢ / ٢٧٨ وابن الجوزي في «العلل» ١ / ١٠١ ـ ١٠٢ ويحيى بن الحسين الشجري في «الأمالي» ١ / ٨٨ والبيهقي في «الشعب» ٤ / ٥٥٠.
وإسناده ضعيف فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ، وهو لين الحديث. والحديث صححه الحاكم ، وقال الذهبي : إبراهيم بن مسلم ضعيف اه. وقال ابن الجوزي : يشبه أن يكون من كلام ابن مسعود اه. وقال ابن كثير في «فضائل القرآن» ص ١٧ ـ ١٨ : وهذا غريب من هذا الوجه ، وإبراهيم بن مسلم هو أحد التابعين ، ولكن تكلموا فيه كثيرا ، وقال أبو حاتم الرازي : لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي : رفّاع كثير الوهم. قال ابن كثير : فيحتمل ـ والله أعلم ـ أن يكون وهم في رفع هذا الحديث وإنما هو من كلام ابن مسعود ولكن له شاهد من وجه آخر والله أعلم اه.
ـ والموقوف على ابن مسعود أخرجه الدارمي ٢ / ٤٣١ والطبراني في «الكبير» ٩ / ١٣٩ وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» ٢ / ٢٧٢ وأبو الفضل الرازي ٣١ و ٣٢ والبيهقي في «الشعب» ٤ / ٥٤٩.
ـ وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الطبري ٧٥٧٠ وفيه عطية العوفي ، وهو ضعيف ، والأشبه في هذه الأحاديث كونها موقوفة على هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وقد أنكر الذهبي رحمهالله هذا الحديث ، كونه مرفوعا ، وصوّب ابن كثير فيه الوقف ، وهو الراجح ، والله أعلم.
(١١) صحيح. أخرجه الترمذي ٢٩٥٤ وأحمد ٤ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩ وابن حبان ٧٢٠٦ والبيهقي في «الدلائل» ٥ / ٣٣٩
__________________
(١) قال السيوطي في «الدر» ١ / ٤٢ : وأخرج ابن الأنباري عن ابن كثير أنه كان يقرأ «عليهمو» بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو. وأخرج أيضا عن ابن إسحاق أنه قرأ «عليهم» بضم الهاء والميم من غير إلحاق واو.
وانظر «تفسير الشوكاني» ١ / ٢٩.