النبيّ صلىاللهعليهوسلم. قال ابن قتيبة : والضّلال : الحيرة والعدول عن الحقّ.
فصل : ومن السّنّة في حق قارئ الفاتحة أن يعقبها ب «آمين». قال شيخنا أبو الحسن عليّ بن عبيد الله : وسواء كان خارج الصلاة أو فيها.
(١٢) لما روى أبو هريرة عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إذا قال الإمام (غير المغضوب عليهم ولا الضّالين) فقال من خلفه : آمين ، فوافق ذلك قول أهل السماء ، غفر له ما تقدّم من ذنبه».
وفي معنى «آمين» ثلاثة أقوال : أحدها : أن معنى آمين : كذلك يكون. حكاه ابن الأنباريّ عن ابن عباس ، والحسن. والثاني : أنها بمعنى : اللهمّ استجب. قاله الحسن والزّجّاج. والثالث : أنه اسم من أسماء الله تعالى. قاله مجاهد ، وهلال بن يساف ، وجعفر بن محمّد.
وقال ابن قتيبة : معناها : يا أمين أجب دعاءنا ، فسقطت يا ، كما سقطت في قوله : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) (١) ، تأويله : يا يوسف. ومن طوّل الألف فقال : آمين ، أدخل ألف النداء على ألف أمين ، كما يقال : آ زيد أقبل : ومعناه : يا زيد. قال ابن الأنباريّ : وهذا القول خطأ عند جميع النّحويين ، لأنه إذا أدخل «يا» على «آمين» كان منادى مفردا ، فحكم آخره الرفع ، فلما أجمعت العرب على فتح نونه ، دلّ على أنه غير منادى ، وإنما فتحت نون «آمين» لسكونها وسكون الياء التي قبلها ، كما تقول العرب : ليت ، ولعلّ. قال : وفي «آمين» لغتان : «أمين» بالقصر ، و «آمين» بالمدّ ، والنون فيهما مفتوحة. أنشدنا أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ :
سقى الله حيّا بين صارة والحمى |
|
حمى فيد صوب المدجنات المواطر (٢) |
أمين وأدّى الله ركبا إليهم |
|
بخير ووقّاهم حمام المقادر |
____________________________________
٣٤١ والطبراني ١٧ / ٢٣٧ من حديث عدي بن حاتم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضلال» ، وحسّن إسناده الترمذي. وقال الهيثمي في «المجمع» ٥ / ٣٣٥ : رجال أحمد رجال الصحيح غير عباد بن حبيش ، وهو ثقة اه. وتوبع عباد عند الطبري ٢٠٧ وقد تقدم ومن وجه آخر ٢٠٩ فهو صحيح.
ويشهد له ما أخرجه أحمد ٥ / ٣٢ ـ ٣٣ والطبري ٢١٢ وعبد الرزاق في «تفسيره» ١٣ عن عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلىاللهعليهوسلم وهو بوادي القرى ، وهو على فرسه فسأله رجل من بلقين ، فقال : يا رسول الله : «من هؤلاء؟ قال : هؤلاء المغضوب عليهم ـ وأشار إلى اليهود ـ قال : فمن هؤلاء؟ قال : هؤلاء الضالين ـ يعني النصارى ـ قال : وجاء رجل فقال : استشهد مولاك ، أو قال : غلامك فلان ، قال : بل يجر إلى النار في عباءة غلها». وإسناده إليه صحيح وجهالة الصحابي لا تضر. وانظر «المجمع» ١٠٨٠٩ و ١٠٨١٠. وانظر «تفسير الشوكاني» ١ / ٢٩ بتخريجنا.
(١٢) صحيح. أخرجه البخاري ٧٨٠ ـ ٧٨١ ـ ٧٨٢ ـ ٦٤٠٢ ومسلم ٤١٠ وأبو داود ٩٣٦ والترمذي ٢٥٠ والنسائي ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤ وابن ماجة ٨٥٢ ومالك ١ / ٨٧ والشافعي في «المسند» ١ / ٧٦ وعبد الرزاق في «المصنّف» ٢٦٤٤ وأحمد ٢ / ٢٣٣ ، والدارمي ١ / ٢٨٤ وابن حبان ١٨٠٤ والبيهقي في «السنن» ٢ / ٥٧ عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا أمّن الإمام فأمّنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه» قال ابن شهاب وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «آمين». لفظ البخاري.
__________________
(١) يوسف : ٢٩.
(٢) الدّاجنة : المطرة المطبقة كالدّيمة. والدّجن : إلباس الغيم الأرض وأقطار السماء ، والمطر الكثير.