وقتادة في آخرين : لم يتغيّر. وقال ابن قتيبة : لم يتغيّر بمرّ السنين عليه ، واللفظ مأخوذ من السّنة ، يقال : سانهت النّخلة : إذا حملت عاما ، وحالت عاما.
قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) ، قال مقاتل : انظر إليه ، وقد ابيضّت عظامه ، وتفرّقت أوصاله ، فأعاده الله. قوله تعالى : (وَلِنَجْعَلَكَ) اللام صلة مضمر تقديره : فعلنا بك ذلك لنراك قدرتنا ، ولنجعلك آية للناس ، أي : علما على قدرتنا ، فأضمر الفعل لبيان معناه. قال ابن عباس : مات وهو ابن أربعين سنة ، وابنه ابن عشرين سنة ، ثم بعث وهو ابن أربعين وابنه ابن عشرين ومائة ، ثم أقبل حتى أتى قومه في بيت المقدس ، فقال لهم : أنا عزير ، فقالوا : حدّثنا آباؤنا أن عزيرا مات بأرض بابل ، فقال لهم : أنا هو أرسلني الله إليكم أجدّد لكم توراتكم ، وكانت قد ذهبت ، وليس منهم أحد يقرؤها فأملاها عليهم.
قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) ، قيل : أراد عظام نفسه ، وقيل : عظام حماره ، وقيل : هما جميعا. قوله تعالى : (كَيْفَ نُنْشِزُها) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو «ننشرها» بضم النون الأولى ، وكسر الشين وراء مضمومة. ومعناه : نحييها. يقال : أنشر الله الميت ، فنشر. وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : (ننشزها) بضم النون مع الزاي ، وهو من النّشز الذي هو الارتفاع. والمعنى : نرفع بعضها إلى بعض للإحياء. وقرأ الأعمش : (ننشزها) بفتح النون ورفع الشين مع الزاي. وقرأ الحسن ، وأبان ، عن عاصم : ننشرها ، بفتح النون مع الراء ، كأنه من النّشر عن الطّي ، فكأن الموت طواها ، والإحياء نشرها. قوله تعالى : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) ، أي : بان له إحياء الموتى ، (قالَ أَعْلَمُ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «أعلم» مقطوعة الألف ، مضمومة الميم. والمعنى : قد علمت ما كنت أعلمه غيبا مشاهدة. وقرأ حمزة والكسائيّ بوصل الألف ، وسكون الميم على معنى الأمر ، والابتداء ، على قراءتهما بكسر الهمزة ، وظاهر الكلام أنه أمر من الله له. وقال أبو علي : نزل نفسه منزلة غيره فأمرها وخاطبها. وقرأ الجعفيّ (١) عن أبي بكر : «أعلم» بكسر اللام على معنى الأمر بإعلام الغير.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) في سبب سؤاله هذا أربعة أقوال :
أحدها : أنه رأى ميتة تمزّقها الهوام والسّباع فسأل هذا السؤال ، وهذا قول ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والضحّاك ، وعطاء الخراسانيّ ، وابن جريج ، ومقاتل. وما الذي كانت هذه الميتة؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : كان رجلا ميتا ، قاله ابن عباس. والثاني : كان جيفة حمار ، قاله ابن جريج ، ومقاتل. والثالث : كان حوتا ميتا ، قاله ابن زيد.
__________________
(١) هو الإمام أبو علي الحسين بن علي الجعفي الكوفي ، توفي سنة ٢٠٣.