تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) وقد ذكرناها في «البقرة». و (يَفْتَرُونَ) : يختلقون. وفي الذي اختلقوه قولان : أحدهما : أنه قولهم : لن تمسّنا النار إلا أياما معدودات ، قاله مجاهد ، والزّجّاج. والثاني : قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، قاله قتادة ، ومقاتل.
(فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥))
قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ) معناه : فكيف يكون حالهم إذا جمعناهم (لِيَوْمٍ) أي : لجزاء يوم ، أو لحساب يوم. وقيل «اللام» بمعنى : «في».
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦))
قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(١٦٦) أحدها : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، لما فتح مكة ، ووعد أمّته ملك فارس والرّوم ، قال المنافقون واليهود : هيهات هيهات ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس ، وأنس بن مالك.
(١٦٧) والثاني : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم سأل ربّه أن يجعل ملك فارس والرّوم في أمّته ، فنزلت هذه الآية ، حكاه قتادة.
والثالث : أن اليهود قالوا : والله لا نطيع رجلا جاء ينقل النبوة من بني إسرائيل إلى غيرهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ.
فأما التفسير ، فقال الزّجّاج : قال الخليل وسيبويه وجميع النّحويين الموثوق بعلمهم : «اللهمّ» بمعنى «يا الله» ، و «الميم» المشددة زيدت عوضا من «يا» لأنهم لم يجدوا «يا» مع هذه «الميم» في كلمة ، ووجدوا اسم الله عزوجل مستعملا ب «يا» إذا لم تذكر الميم ، فعلموا أن الميم في آخر الكلمة بمنزلة «ياء» في أولها والضّمة التي في «الهاء» هي ضمّة الاسم المنادى المفرد. قال أبو سليمان الخطّابيّ : ومعنى «مالك الملك» : أنه بيده ، يؤتيه من يشاء ، قال : وقد يكون معناه : مالك الملوك ، ويحتمل أن يكون معناه : وارث المالك يوم لا يدّعيه مدّع ، كقوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ). قوله تعالى :(تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) في هذا الملك قولان : أحدهما : أنه النّبوة ، قاله ابن جبير ، ومجاهد. والثاني : أنه المال ، والعبيد ، والحفدة ، ذكره الزّجّاج. وقال مقاتل : تؤتي الملك من تشاء ، يعني محمّدا وأمّته ، وتنزع الملك ممن تشاء ، يعني فارس الرّوم. (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) محمّدا وأمّته (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) فارس والرّوم. وبما ذا يكون هذا العزّ والذّلّ؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : العزّ بالنّصر ، والذلّ بالقهر. والثاني : العزّ بالغنى ، والذلّ بالفقر. والثالث : العزّ بالطّاعة ، والذلّ بالمعصية. قوله تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) قال ابن عباس : يعني النصر والغنيمة ، وقيل : معناه بيدك الخير والشر ، فاكتفى بأحدهما ، لأنه المرغوب فيه.
____________________________________
(١٦٦) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٩٧ عن ابن عباس وأنس بدون إسناد. وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١ / ٣٥٠ : ولم أجد له إسنادا. اه. فالخبر ليس بحجة ، بل هو لا شيء لخلوه عن الإسناد.
(١٦٧) ضعيف. أخرجه الطبري ٦٧٨٧ والواحدي ١٩٨ عن قتادة مرسلا. فهو ضعيف لإرساله.