أنهم النّصارى ، فهم فوق اليهود ، واليهود مستذلّون مقهورون ، قاله ابن زيد.
قوله تعالى : (فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) يعني الدّين.
(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦))
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) قيل : هم اليهود والنّصارى. وعذابهم في الدنيا بالسّيف والجزية ، وفي الآخرة بالنّار.
(وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧))
قوله تعالى : (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) قرأ الأكثرون بالنون ، وقرأ الحسن ، وقتادة ، وحفص عن عاصم : «فيوفيهم» بالياء معطوفا على قوله تعالى (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى).
(ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨))
قوله تعالى : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) يعني ما جرى من القصص. (مِنَ الْآياتِ) يعني الدّلالات على صحة رسالتك ، إذ كانت أخبارا لا يعلمها أميّ. (وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) قال ابن عباس : هو القرآن. قال الزجّاج : معناه : ذو الحكمة في تأليفه ونظمه ، وإبانة الفوائد منه.
(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩))
قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) قال أهل التفسير : سبب نزول هذه الآية ، مخاصمة وفد نجران من النّصارى للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، في أمر عيسى ، وقد ذكرناه في أول السورة (١). فأما تشبيه عيسى بآدم ، فلأنهما جميعا من غير أب.
وقوله تعالى : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) يعني : آدم. قال ثعلب : وهذا تفسير لأمر آدم. وليس بحال. قوله تعالى : (ثُمَّ قالَ لَهُ) يعني آدم ، وقيل لعيسى (كُنْ فَيَكُونُ) أي : فكان : فأريد بالمستقبل الماضي ، كقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) (٢) أي : ما تلت.
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠))
قوله تعالى : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) قال الزّجّاج : الحقّ مرفوع على خبر ابتداء محذوف ، المعنى : الذي أنبأتك به في قصة عيسى الحقّ من ربّك (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) أي : الشّاكّين. والخطاب للنبيّ خطاب للخلق ، لأنه لم يشك.
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١))
قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) في هاء «فيه» قولان : أحدهما : أنها ترجع إلى عيسى. والثاني :
__________________
(١) تقدم برقم ١٥٣.
(٢) البقرة : ١٠٢.