إلى الحق. والعلم : البيان والإيضاح.
قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا) قال ابن قتيبة : تعال : تفاعل ، من علوت ، ويقال للاثنين من الرجال والنساء : تعاليا ، وللنساء : تعالين. قال الفرّاء : أصلها من العلوّ ، ثم إن العرب لكثرة استعمالهم إياها ، صارت عندهم بمنزلة «هلمّ» حتى استجازوا أن يقولوا للرجل ، وهو فوق شرف : تعال ، أي : اهبط. وإنما أصلها : الصّعود. قال المفسرون : أراد بأبنائنا : فاطمة ، والحسن ، والحسين. وروى مسلم في «صحيحه» من حديث سعد بن أبي وقّاص قال :
(١٧٩) لما نزلت هذه الآية (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : «اللهمّ هؤلاء أهلي».
قوله تعالى : (وَأَنْفُسَنا) فيه خمسة أقوال : أحدها : أراد عليّ بن أبي طالب ، قاله الشّعبيّ. والعرب تخبر عن ابن العمّ بأنه نفس ابن عمه. والثاني : أراد الأخوان ، قاله ابن قتيبة. والثالث : أراد أهل دينه ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. والرابع : أراد الأزواج. والخامس : أراد القرابة القريبة ، ذكرهما عليّ بن أحمد النّيسابوريّ. فأما الابتهال ، فقال ابن قتيبة : هو التّداعي باللّعن ، يقال : عليه بهلة الله ، وبهلته ، أي : لعنته. وقال الزجّاج : معنى الابتهال في اللغة : المبالغة في الدّعاء وأصله : الالتعان ، يقال : بهله الله ، أي : لعنه. وأمر بالمباهلة بعد إقامة الحجّة.
(١٨٠) قال جابر بن عبد الله : قدم وفد نجران فيهم السّيد والعاقب فذكر الحديث .. إلى أن قال : فدعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه أن يغادياه ، فغدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما ، فأبيا أن يجيباه ، فأقرّا له بالخراج فقال : «والذي بعثني بالحقّ لو فعلا لأمطر الوادي نارا»
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢))
قوله تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ) قال الزجّاج : دخلت «من» هاهنا توكيدا ودليلا على نفي جميع ما ادّعى المشركون من الآلهة.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣))
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : عن الملاعنة ، قاله مقاتل. والثاني : أنه عن البيان الذي أتى به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قاله الزجّاج. والثالث : عن الإقرار بوحدانية الله ، وتنزيهه عن الصّاحبة والولد ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. وفي الفساد هاهنا قولان : أحدهما : أنه العمل بالمعاصي ، قاله
____________________________________
(١٧٩) صحيح. أخرجه مسلم ٢٤٠٤ والترمذي ٢٩٩٩ والحاكم ٣ / ١٤٧ من حديث سعد ، وفيه قصة.
انظر «تفسير الشوكاني» ٥٠٤.
(١٨٠) أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» ٢٤٤ والواحدي ٢٠٩ من حديث جابر ، وفيه بشر بن مهران الخصاف ، قال ابن أبي حاتم : ترك أبي حديثه وفيه أيضا محمد بن دينار ، وهو ضعيف. وقد جعل الواحدي كلام جابر الأخير من كلام الشعبي ، ويؤيد ذلك هو أن الحاكم أخرج حديث جابر ٢ / ٥٩٣ دون كلام جابر. وقال صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي.