مقاتل. والثاني : الكفر ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤))
قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم اليهود ، قاله قتادة ، وابن جريج ، والرّبيع بن أنس. والثاني : وفد نجران الذين حاجّوا في عيسى ، قاله السّدّيّ ومقاتل. والثالث : أهل الكتابين جميعا (١) ، قاله الحسن.
(١٨١) وقال ابن عباس : نزلت في القسّيسين والرّهبان ، فبعث بها النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى جعفر وأصحابه بالحبشة. فقرأها جعفر ، والنّجاشيّ جالس ، وأشراف الحبشة.
فأمّا «الكلمة» فقال المفسرون هي : لا إله إلا الله. فإن قيل : فهذه كلمات ، فلم قال كلمة؟ فعنه جوابان : أحدهما : أن الكلمة تعبّر عن ألفاظ وكلمات. قال اللغويّون : ومعنى كلمة : كلام فيه شرح قصة وإن طال ، تقول العرب قال زهير في كلمته يراد في قصيدته : قالت الخنساء :
وقافية مثل حدّ السّنا |
|
ن تبقى ويذهب من قالها |
تقدّ الذّؤابة من يذبل |
|
أبت أن تزايل أو عالها (٢) |
نطقت ابن عمرو فسهّلتها |
|
ولم ينطق النّاس أمثالها |
فأوقعت القافية على القصيدة كلّها ، والغالب على القافية أن تكون في آخر كلمة ، من البيت ، وإنما سمّيت قافية ، لأن الكلمة تتبع البيت ، وتقع آخره ، فسمّيت قافية ، من قول العرب : قفوت فلانا : إذا اتّبعته ، وإلى هذا الجواب يذهب الزجّاج وغيره.
والثاني : أن المراد بالكلمة : كلمات ، فاكتفى بالكلمة من كلمات كما قال علقمة بن عبدة :
بها جيف الحسرى فأمّا عظامها |
|
فبيض وأمّا جلدها فصليب |
أراد : وأما جلودها ، فاكتفى بالواحد من الجمع ، ذكره والذي قبله ابن الأنباريّ.
قوله تعالى : (سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) قال الزجّاج : يعني بالسّواء العدل ، وهو من استواء الشيء ، ويقال : للعدل سواء وسواء. قال زهير بن أبي سلمى :
أروني خطّة لا ضيم فيها |
|
يسوّي بيننا فيها السّواء |
فإن تركا السّواء فليس بيني |
|
وبينكم بني حصن بقاء |
قال : وموضوع «أن» في قوله تعالى : (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) خفض على البدل من «كلمة» المعنى :
____________________________________
(١٨١) لم أقف له على إسناد ، وهو غريب جدا ، ويأتي في مطلع سورة مريم شيء من هذا.
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله ١ / ٣٧١ : هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم.
(٢) في «اللسان» سنان الرمح : حديدته لصقالتها ، وملاستها. القد : القطع المستأصل والشق طولا. الذؤابة : ذؤابة كل شيء أعلاه. يذبل : جيل في أقصى أرض بني كلاب. تزايل : من تزيّل : تفرّق.