تعالوا إلى أن لا نعبد إلا الله. وجائز أن يكون «أن» في موضوع رفع ، كأنّ قائلا قال : ما الكلمة؟ فأجيب ، فقيل : هي ألّا نعبد إلا الله.
قوله تعالى : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه سجود بعضهم لبعض ، قاله عكرمة. والثاني : لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ، قاله ابن جريج. والثالث : لا نجعل غير الله ربّا ، كما قالت النّصارى في المسيح ، قاله مقاتل والزجّاج.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥))
قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ). قال ابن عباس والحسن والسّدّيّ :
(١٨٢) اجتمع عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم نصارى نجران ، وأحبار اليهود ، فقال هؤلاء : ما كان إبراهيم إلا يهوديا ، وقال هؤلاء : ما كان إلا نصرانيا. فنزلت هذه الآية.
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦))
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ) قرأ ابن كثير «ها أنتم» مثل : هعنتم ، فأبدل من همزة الاستفهام «الهاء» أراد : أأنتم. وقرأ نافع وأبو عمرو «هانتم» ممدودا استفهام بلا همزة ، وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ ، «ها أنتم» ممدودا مهموزا ولم يختلفوا في مدّ «هؤلاء» و «أولاء».
قوله تعالى : (فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) فيه قولان : أحدهما : أنه ما رأوا وعاينوا قاله قتادة. والثاني : ما أمروا به ونهوا عنه ، قاله السّدّيّ. فأما الذي ليس لهم به علم ، فهو شأن إبراهيم عليهالسلام. روى أبو صالح عن ابن عباس أنه كان بين إبراهيم وموسى ، خمسمائة وخمس وسبعون سنة. وبين موسى وعيسى ألف وستمائة واثنتان وثلاثون سنة (١). وقال ابن إسحاق : كان بين إبراهيم وموسى خمسمائة وخمس وستون سنة ، وبين موسى وعيسى ألف وتسعمائة وخمس وعشرون سنة. وقد سبق في «البقرة» معنى الحنيف.
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨))
____________________________________
(١٨٢) أثر ابن عباس أخرجه الطبري ٧١٩٨ من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وإسناده ضعيف لجهالة محمد ، شيخ ابن إسحاق.
ـ وأثر السدي أخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٢ / ٧٢ وهذا مرسل.
ـ وأثر الحسن لم أره مسندا ، وإنما ذكره الواحدي ٢١٤ بدون إسناد.
__________________
(١) هذه الأقوال مصدرها الإسرائيليات.