ابن عباس. والثاني : قد مضت قبلكم سنن الله في إهلاك من كذّب من الأمم ، فاعتبروا بهم ، وهذا قول مجاهد. وفي معنى (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) قولان : أحدهما : أنه السّير في السّفر. قال الزجّاج : إذا سرتم في أسفاركم ، عرفتم أخبار الهالكين بتكذيبهم. والثاني : أنه التّفكّر. ومعنى : فانظروا : اعتبروا ، والعاقبة : آخر الأمر.
(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨))
قوله تعالى : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) قال سعيد بن جبير : هذه الآية أوّل ما نزل من «آل عمران». وفي المشار إليه ب «هذا» قولان : أحدهما : أنه القرآن ، قاله الحسن ، وقتادة ، ومقاتل. والثاني : أنه شرح أخبار الأمم السّالفة ، قاله ابن إسحاق. والبيان : الكشف عن الشيء ، بان الشّيء : اتّضح ، وفلان أبين من فلان ، أي : أفصح. قال الشّعبيّ : هذا بيان للنّاس من العمى ، وهدى من الضّلالة ، وموعظة من الجهل.
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩))
قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا).
(٢١٧) سبب نزولها أنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا انهزموا يوم أحد ، أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ لا يعلون علينا ، اللهمّ لا قوّة لنا إلا بك» فنزلت هذه الآيات ، قاله ابن عباس.
قال ابن عباس ، ومجاهد : (وَلا تَهِنُوا) أي : ولا تضعفوا. وفيما نهوا عن الحزن عليه أربعة أقوال : أحدها : أنه قتل إخوانهم من المسلمين ، قاله ابن عباس. والثاني : أنه هزيمتهم يوم أحد ، وقتلهم ، قاله مقاتل. والثالث : أنه ما أصاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم من شجّه ، وكسر رباعيّته ، ذكره الماورديّ. والرابع : أنه ما فات من الغنيمة ، ذكره عليّ بن أحمد النّيسابوريّ.
قوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ، قال ابن عباس : يقول : أنتم الغالبون وآخر الأمر لكم.
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠))
قوله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ). قال ابن عباس :
(٢١٨) أصابهم يوم أحد قرح ، فشكوا إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ما لقوا ، فنزلت هذه الآية.
____________________________________
(٢١٧) ضعيف بهذا اللفظ ، والمرفوع منه صحيح ، دون ذكر نزول الآية. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٠ عن ابن عباس بهذا اللفظ وبدون إسناد ، وليس بصحيح ، فإن المشهور في الأحاديث الصحيحة أن خالدا ومن معه قد علوا الجبل وكروا على المسلمين ، وكان ما كان. وأخرجه الطبري ٧٨٩١ عن ابن عباس مختصرا وفيه عطية العوفي وهو ضعيف وعنه مجاهيل ، وهذا خبر منكر ، وسيأتي في الصحيح ما يرده.
ـ وله شاهد أخرجه الطبري ٧٨٨٩ عن ابن جريج مرسلا ، ومراسيل ابن جريج واهية جدا.
(٢١٨) ضعيف. أخرجه الطبري ٧٨٩٩ عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه ، وفيه حفص بن عمر ضعيف.