ساروا وسافروا. و «غزى» جمع غازي. وفي الكلام محذوف تقديره : إذا ضربوا في الأرض فماتوا ، أو غزوا ، فقتلوا.
قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ) قال ابن عباس : ليجعل الله ما ظنّوا من أنّهم لو كانوا عندهم ، سلموا ، (حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) أي : حزنا. قال ابن فارس : الحسرة : التّلهّف على الشيء الفائت. قوله تعالى : (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي : ليس تحرّز الإنسان يمنعه من أجله.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) قرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائيّ : «يعملون» بالياء ، وقرأ الباقون بالتاء. قال أبو عليّ : حجّة من قرأ بالياء أنّ قبلها غيبة ، وهو قوله عزوجل : (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ) ، ومن قرأ بالتاء ، فحجّته (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا).
(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧))
قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ) اللام في «لئن» لام القسم ، تقديره : والله لئن قتلتم في الجهاد (أَوْ مُتُّمْ) في إقامتكم. قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : «متّ» و «متّم» و «متنا» برفع الميم في جميع القرآن ، وروى حفص عن عاصم : (أَوْ مُتُّمْ)(وَلَئِنْ مُتُّمْ) برفع الميم في هذين دون باقي القرآن. وقرأ نافع ، وحمزة ، والكسائيّ كلّ ما في القرآن بالكسر.
قوله تعالى : (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي : من أعراض الدّنيا التي تتركون الجهاد لجمعها. وقرأ حفص عن عاصم : يجمعون بالياء ، ومعناه : خير ممّا يجمع غيركم ممّا تركوا الجهاد لجمعه. قال ابن عباس : خير ممّا يجمع المنافقون في الدنيا.
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨))
قوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ) أي : في إقامتكم. (أَوْ قُتِلْتُمْ) في جهادكم. (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ).
وهذا تخويف من القيامة. والحشر : الجمع من سوق.
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩))
قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) قال الفرّاء وابن قتيبة والزجّاج : «ما» هاهنا صلة ، ومثله : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ*). قال ابن الأنباريّ : دخول «ما» هاهنا يحدث توكيدا. قال النّابغة :
المرء يهوى أن يعيش |
|
وطول عيش ما يضرّه |
فأكّد بذكر «ما». وفيمن تتعلّق به هذه الرّحمة قولان : أحدهما : أنها تتعلّق بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم. والثاني : بالمؤمنين.
قال قتادة : ومعنى (لِنْتَ لَهُمْ) لان جانبك ، وحسن خلقك ، وكثر احتمالك. قال الزجّاج : والفظّ : الغليظ الجانب ، السّيئ الخلق ، يقال : فظظت تفظّ فظاظة وفظظا ، والفظّ : ماء الكرش والفرث ، وإنما سمّي فظا لغلظ مشربه. فأمّا الغليظ القلب ، فقيل : هو القاسي القلب ، فيكون ذكر