إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
وخالف والسّفيه إلى خلاف (١) |
يريد جرى إلى السفه. والذي آتاهم الله على قول من قال : البخل بالزّكاة : هو المال ، وعلى قول من قال : البخل بذكر صفة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم هو العلم.
قوله تعالى : (هُوَ) إشارة إلى البخل وليس مذكورا ، ولكنه مدلول عليه ب «يبخلون».
وفي معنى تطويقهم به أربعة أقوال : أحدها : أنه يجعل كالحيّة يطوّق بها الإنسان.
(٢٤٢) روى ابن مسعود عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما من رجل لا يؤدّي زكاة ماله إلا مثّل له يوم القيامة شجاع (٢) أقرع يفرّ منه ، وهو يتبعه حتى يطوّق في عنقه» ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، وهذا مذهب ابن مسعود ، ومقاتل.
والثاني : أنه يجعل طوقا من نار ، رواه منصور عن مجاهد ، وإبراهيم.
والثالث : أن معنى تطويقهم به : تكليفهم أن يأتوا به ، رواه ابن أبي نجيح ، عن مجاهد.
والرابع : أن معناه : يلزم أعناقهم إثمه ، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال ابن عباس : يموت أهل السّماوات وأهل الأرض ، ويبقى ربّ العالمين ، قال الزجّاج : خوطب القوم بما يعقلون ، لأنّهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان ميراثا إذا كان ملكا له ، وقال ابن الأنباريّ : معنى الميراث : انفراد الرجل بما كان لا ينفرد به ، فلمّا مات الخلق ، وانفرد عزوجل صار ذلك له وراثة.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : «يعملون» بالياء اتباعا لقوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ) وقرأ الباقون بالتاء ، لأنّ قبله (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا).
(لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (١٨١))
قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ) في سبب نزولها قولان :
(٢٤٣) أحدهما : أن أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه دخل بيت مدراس اليهود ، فوجدهم قد
____________________________________
(٢٤٢) صحيح. أخرجه الترمذي ٣٠١٢ والنسائي في «الكبرى» ٢٢٢١ و ١١٠٨٤ وابن ماجة ١٧٨٤ من حديث ابن مسعود. وقال الترمذي : حسن صحيح. وهو في صحيح البخاري ١٤٠٣ و ٤٥٦٥ ومالك ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ وأحمد ٢ / ٢٧٩ والنسائي ٥ / ٣٩ وأبو يعلى ٦٣١٩ وابن حبان ٣٢٥٨ من حديث أبي هريرة. وورد من حديث جابر أخرجه مسلم ٩٨٨ والدارمي ١ / ٣٨٠ وابن حبان ٣٢٤٤ وله شواهد تبلغ به حد الشهرة. وانظر «تفسير القرطبي» ١٩٢٨ و «تفسير الشوكاني» ٥٧١ بتخريجنا.
(٢٤٣) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٧٥ عن عكرمة والسدي ومقاتل وابن إسحاق. وأخرجه الطبري ٨٣٠٠
__________________
(١) أنشده الفرّاء في «معاني القرآن» ١ / ٢٤٨ وثعلب في «مجالسه» ١ / ٦٠ و «أمالي الشجري» ١ / ٦٨ والبغدادي في «الخزانة» ٢ / ٣٨٣ ولم ينسبوه لقائل.
(٢) وفي «اللسان» : الشجاع : الحية الذكر ، وقيل : هو الخبيث المارد منها.