(٢٥٤) أحدها : أنها نزلت في النّجاشيّ ، لأنه لمّا مات صلّى عليه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال قائل : يصلّي على هذا العلج النّصرانيّ ، وهو في أرضه؟! فنزلت هذه الآية ، هذا قول جابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وأنس. وقال الحسن ، وقتادة : فيه وفي أصحابه.
والثاني : أنها نزلت في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنّصارى ، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد. والثالث : في عبد الله بن سلّام ، وأصحابه ، قاله ابن جريج ، وابن زيد ، ومقاتل. والرابع : في أربعين من أهل نجران ، وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الرّوم كانوا على دين عيسى ، فآمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قاله عطاء (١).
قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) يعني : القرآن ، (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) يعني : كتابهم. والخاشع : الذّليل. (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي : عرضا من الدنيا كما فعل رؤساء اليهود. وقد سلف بيان سرعة الحساب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) قال أبو سلمة بن عبد الرّحمن : نزلت في انتظار الصّلاة بعد الصّلاة ، وليس يومئذ غزو يرابط.
وفي الذي أمروا بالصّبر عليه خمسة أقوال : أحدها : البلاء والجهاد ، قاله ابن عباس. والثاني : الدّين ، قاله الحسن ، والقرظيّ ، والزجّاج. والثالث : المصائب ، روي عن الحسن أيضا. والرابع : الفرائض ، قاله سعيد بن جبير. والخامس : طاعة الله ، قاله قتادة.
وفي الذي أمروا بمصابرته قولان : أحدهما : العدوّ ، قاله ابن عباس ، والجمهور. والثاني : الوعد الذي وعدهم الله : قاله عطاء ، والقرظيّ.
____________________________________
(٢٥٤) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٨٧ بدون إسناد. عن جابر وابن عباس وأنس وقتادة ، وعزاه الحافظ في «تخريج الكشاف» ٢٤٦ للثعلبي عن ابن عباس وقتادة.
ـ وخبر جابر ، أخرجه الطبري ٨٣٧٦ وفيه رواد بن الجراح ، وهو ضعيف. وورد بنحوه من حديث أنس أخرجه النسائي في «التفسير» ١٠٨ و ١٠٩ والبزار «كشف الأستار» ٣٨٢ والطبراني في «الأوسط» ٢٦٨٨ والواحدي ٢٨٨ ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في المجمع ٣ / ٣٨ ، وصلاة الرسول على النجاشي ثابتة في «الصحيحين» دون هذه القصة. انظر البخاري ١٣٣٣ ومسلم ٩٥١.
__________________
(١) قال أبو جعفر الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٥٦٠ (آل عمران : ١٩٩) : فإن قال قائل : فما أنت قائل في الخبر الذي رويت عن جابر وغيره : أنها نزلت في النجاشي وأصحابه؟
قيل : ذلك خبر في إسناده نظر. ولو كان صحيحا لا شك فيه ، لم يكن لما قلنا في معنى الآية بخلاف.
وقد تنزل الآية في الشيء ، ثم يعم بها كل من كان في معناه. فالآية وإن كانت نزلت في النجاشي ، فإن الله تبارك وتعالى قد جعل الحكم الذي حكم به للنجاشي ، حكما لجميع عباده الذين هم بصفة النجاشي في اتباعهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم والتصديق بما جاءهم به من عند الله ، بعد الذي كانوا عليه قبل ذلك من اتباع أمر الله فيما أمر به عباده في الكتابين ، التوراة والإنجيل.