الألوان والطعوم. وإن قلنا : إنه يشبه صورة ثمار الدنيا مع اختلاف المعاني ؛ كان أطرف وأعجب ، وكل هذه مطالب مؤثرة.
قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ). أي : الخلق ، فإنهن لا يحضن ولا يبلن ولا يأتين الخلاء ، وفي الخلق ، فإنهن لا يحسدن ولا يغرن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن. قال ابن عباس : نقية عن القذى والأذى. قال الزّجّاج : و (مُطَهَّرَةٌ) أبلغ من طاهرة ؛ لأنه للتكثير. والخلود : البقاء الدائم الذي لا انقطاع له.
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦))
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً). في سبب نزولها قولان : أحدهما : أنه لما نزل قوله تعالى : (ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) (١) ، ونزل قوله : (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) (٢). قالت اليهود : وما هذا من الأمثال؟! فنزلت هذه الآية (٣) ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة ومقاتل والفرّاء. والثاني : أنه لما ضرب الله المثلين ، وهما قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) (٤) ، وقوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) (٥) ، قال المنافقون : الله أجلّ وأعلى من أن يضرب هذه الأمثال ، فنزلت هذه الآية ، رواه السّدّيّ عن أشياخه. وروي عن الحسن ومجاهد نحوه.
والحياء بالمد : الانقباض والاحتشام ، غير أن صفات الحق عزوجل لا يطّلع لها على ماهية وإنما تمرّ كما جاءت.
(١٩) وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إن ربكم حييّ كريم» ، وقيل : معنى لا يستحيي : لا يترك ، لأن كل ما
____________________________________
(١٩) صحيح. أخرجه أبو داود ١٤٨٨ والترمذي ٣٥٥٦ وابن ماجة ٣٨٦٥ وأحمد ٥ / ٤٣٨ وابن حبان ٨٧٦ و ٨٨٠ والحاكم ١ / ٤٩٧ والطبراني ٦١٣٠ عن سلمان مرفوعا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله حييّ كريم يستحي إذا رفع إليه العبد يده أن يردهما صفرا حتى يضع فيهما خيرا». وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وجوّده الحافظ في «فتح الباري» ١١ / ١٤٣. وورد من حديث أنس أخرجه الحاكم (١ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨) وإسناده ضعيف لضعف عامر بن يساف وتابعه أبان بن أبي عياش عند البغوي ١٣٨٦ «شرح السنة» لكن أبان متروك. وله شاهد من حديث جابر عزاه الحافظ في تخريج الكشاف ١ / ١١٣ لأبي يعلى وأعله بيوسف بن محمد وأنه متروك. ولم أره في «مسنده» ولعله في «الكبير». وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الطبراني (١٣٥٥٧) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن ربكم حييّ كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا لا خير فيهما فإذا رفع
__________________
(١) الحج : ٧٣.
(٢) العنكبوت : ٤١.
(٣) أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٣٠ عن ابن عباس ورجاله ثقات ، لكن فيه عنعنة ابن جريج ، وأخرجه عبد الرزاق ٢٧ عن قتادة ، وورد من وجوه لكن وقع في بعض الروايات «المشركين» بدل «اليهود» وفي بعض الروايات «المنافقين».
(٤) البقرة : ١٧.
(٥) البقرة : ١٩.