والثاني : بالهداية إلى الإيمان ، وإكمال الدّين ، وهذا قول ابن زيد. والثالث : بالرّخصة في التّيمّم ، قاله مقاتل ، وأبو سليمان. والرابع : ببيان الشّرائع ، ذكره بعض المفسّرين.
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) يعني النّعم كلّها. وفي هذا حثّ على الشّكر.
وفي الميثاق أربعة أقوال (١) : أحدها : أنه إقرار كلّ مؤمن بما آمن به. قال ابن عباس : لمّا أنزل الله الكتاب ، وبعث الرسول ، فقالوا : آمنّا ، ذكّرهم ميثاقه الذي أقرّوا به على أنفسهم ، وأمرهم بالوفاء. والثاني : أنه الميثاق الذي أخذه من بني آدم حين أخرجهم من ظهره ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وابن زيد. والثالث : أنه ما وثق على المؤمنين على لسان نبيّه عليهالسلام من الأمر بالوفاء بما أقرّوا به من الإيمان. روى هذا المعنى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع : أنه الميثاق الذي أخذ من الصّحابة على السّمع والطّاعة في بيعة العقبة ، وبيعة الرّضوان ، ذكره بعض المفسّرين. قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) قال مقاتل : اتّقوه في نقض الميثاق (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي : بما فيها من إيمان وشكّ.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها نزلت من أجل كفّار قريش أيضا ، وقد تقدّم ذكرهم في قوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ؛ روى نحو هذا أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل.
(٤٠٥) والثاني : أنّ قريشا بعثت رجلا ليقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأطلع الله نبيّه على ذلك ، ونزلت هذه الآية ، والتي بعدها ، هذا قول الحسن.
(٤٠٦) والثالث : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذهب إلى يهود بني النّضير يستعينهم في دية ، فهمّوا بقتله ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد ، وقتادة.
ومعنى الآية : كونوا قوّامين لله بالحقّ ، ولا يحملنّكم بغض قوم على ترك العدل (اعْدِلُوا) في
____________________________________
(٤٠٥) هو الآتي بعد حديث.
(٤٠٦) هو الآتي بعد حديث جابر.
__________________
(١) قال الإمام الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٤ / ٤٨١ : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك ، قول ابن عباس ، وهو أن معناه : (وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) يعني وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر.