حظهم من بروز الشخصية ، ذلك الحظ الذي فاتهم ، وهم يلبسون الوجه الآخر ، وجه الضمور والانزواء ، الذي يعيشون به أكثر مما يعيشون ..
وقوله تعالى : (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) تهديد لجماعة المنافقين ، ووعيد لهم بالحساب العسير والعذاب الأليم ، إذ سجل الله عليهم كل ما عملوا من سوء ، وهو سبحانه الذي سيتولى حسابهم ، ومجازاتهم ..
قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) إلفات لجماعات المنافقين والضالين إلى مافاتهم من خير عظيم ، حين لم يقفوا عند آيات الله ، ولم يتدبّروها ، ويصححوا موقفهم منها ، وذلك بالنظر فيها ، نظرا يرتاد مواقع الخير ، وينشد مطالع الهدى ..
إنهم لو فعلوا ذلك ، وأخلوا أنفسهم من تلك المشاعر الخبيثة المستولية عليهم ، لرأوا وجه الحق سافرا فى آيات الله وكلماته ، ولأحذوا طريقهم إلى الله مستقيما ، فآمنوا بالله ، وبرسوله ، وبهذا الكتاب الذي أنزل على رسوله ..
فإن نظرة مخلصة إلى كتاب الله ، تصل العقول به ، وتفتح القلوب له ، لما فى كل آية وكل كلمة منه ، من أمارات مشرقة ، تحدّث بأن هذا الكلام هو كلام الله ، وأن هذا الكتاب هو كتاب الله!! وأقرب تلك الأمارات وأظهرها أن هذا الكتاب قائم على أسلوب واحد ، ومنهج واحد ، ومستوى واحد .. وذلك أنه على امتداده ، وسعته ، وتشعّب الموضوعات التي تناولها ، والقضايا التي عرضها ، والأحكام التي أصدرها ـ هو فى ذلك كلّه على درجة واحدة من البلاغة والبيان ، وعلى كلمة سواء فيما يأمر به وينهى عنه .. ولو كان هذا القرآن من عند غير الله ، لاختلف أسلوبه ، وتناقضت أحكامه ، وتضاربت قضاياه .. شأن كل عمل بشرىّ ، لا يسلم أبدا من مواطن القوة والضعف فيه ..
قوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ)