وعلى هذا فإن المتعة أبيحت بالسنّة فى حال خاصة ، فى ظرف اضطراري ، وأنها قد حرمت بالسنة بعد زوال هذا الظرف ، وإن إباحتها كانت لأناس مخصوصين لا يجوز أن يلحق بهم غيرهم إلى يوم القيامة ، وأن عمر بن الخطاب إنما كان موقفه منها هو توكيد هذا التحريم ، وقطع الطريق على أولئك الذين أرادوا أن يجعلوا تلك الخصوصية التي كانت لهؤلاء الذين أباح لهم النبىّ المتعة ـ منسحبة إلى غيرهم إذا دعت داعيتها ، وهى الاضطرار ، بالانقطاع عن الأهل ، فى جهاد أو سفر أو نحوهما ..
أخرج مسلم فى صحيحه ، عن أبى نضرة قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، فذكرت ذلك لجابر (بن عبد الله) ، فقال : على يدى دار هذا الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم (أي فى حياته) فلما قام عمر (أي ولى الخلافة) قال : «إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، فأتموّا الحجّ والعمرة ، وأبتّوا (أي اقطعوا) نكاح هذه النساء ، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة» أي حكم عليه حكم الزاني المحصن ، حيث كان الذين يقعون تحت هذا الحكم هم من المحصنين الذين استطاعوا أن يتزوجوا بامرأة أو أكثر ، ثم كانت المتعة عندهم مطلبا آخر ، من مطالب المتعة ، ولهذا اعتبرها «عمر» زنا صريحا .. وقول عمر : إن الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء ، هو صريح فى أن ذلك كان من خصوصيات الرسول ، وأن إذنه فى حال خاصة ، ولشخص أو أشخاص معينين ، بما يأذن به ، لا ينسحب إلى غيرهم ، كما هو مقرر فى الشريعة باتفاق.
وبعد :