الناس عند الله ، ويرفع منازلهم ، إذ لا حرّ ولا عبد عند الله ، الذي خلق الناس جميعا من نفس واحدة ، وولّد بعضهم من بعض.
وثالثا : فى قوله تعالى : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) وفى إضافة الإماء إلى مالكى رقابهن وإلى من يجتمعن إليه من أقاربه ـ فى هذا ما يرفع الرقيق عن تلك المنزلة الدنيا التي ينزلها فى المجتمع ، إلى منزلة الأهل والولد «أهلهن».
ورابعا : ما يشير إليه قوله تعالى : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) من أن الأمة كالحرّة فى أنها تستحق المهر عند الزواج ، وأن هذا المهر من شأنه أن يكون لها ، ولكن الوضع الاجتماعى جعلها هى وما تملك ملكا لمالكها .. وهذا الوضع يبدو قلقا مضطربا أمام قوله تعالى : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) الأمر الذي يحرج مالكها عن أن يتناول حقا هو لها .. وأما وقد أذن الله له أن يتناوله ـ مع هذا الحرج ـ فإن الطريق مفتوح لردّ الحق إلى أهله فى مستقبل الأيام! وخامسا : وأكثر من هذا كله ، فى صنيع الإسلام للرقيق ، وفى العمل على فك رقبته ـ ما أباحه للأحرار من التزوج بالإماء ..
فهذه الإباحة تفتح بابا واسعا لتحرير الإماء ، وتخليصهن من الرق .. وذلك أن الرجل إذا تزوج بالأمة ، بعد إذن مالكها ، تصبح من حرماته التي يغار عليها ، ويعمل جاهدا على صونها ودفع أية شائبة تحوم حولها ..
والأمة المتزوجة ليست خالصة ليد من تزوج بها .. فما زالت رقبتها ملكا لغيره ، له أن يبيعها لغير من تزوج بها ، بما تعلق بها من حق الزوج فيها ..
وهذا وضع يشين الزوج ، ويسوؤه فى زوجه ، ويجرح كرامته ، وخاصة إذا ولدت له هذه الزوجة ، أو حظيت عنده بالمحبة .. ولا سبيل لإصلاح هذا الوضع ، وإعطاء الزوج حقه كاملا فى زوجته إلا أن يعتقها من هذا الرق ، فيعمل كل ما وسعه العمل للحصول على المال الذي يشتريها به من مالكها ..