وإنما هو نهى عن مناصرتهم ومعاضدتهم ، والوقوف إلى جانبهم ، وهم على موقفهم من الإسلام ومحاربتهم له ، فذلك خيانة للمسلمين ، وعدوان على الإسلام .. إذ كيف يكونون هم حربا على الإسلام ، ثم يكون فى المسلمين من هو على ولاء لهم ، ومودة معهم؟
وقوله تعالى : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي أن اليهود أولياء لليهود ، والنصارى أولياء للنصارى .. وهذا أوّل ما فيه أن يجعل المسلمين أولياء للمسلمين ، فلا يكون ولاء المسلم ، ومناصرته ومناصحته ، لغير المسلمين ، فإذا لم يكن هذا الولاء ، وتلك المناصحة من المسلم للمسلمين فلا أقّلّ من أن يقف عند هذا الحدّ السلبي ـ وهو موقف آثم ـ فلا يتحول إلى جبهة معادية للإسلام وأهله ، فيكون لها مساندا مناصحا .. إن ذلك ـ كما قلنا ـ نفاق ظاهر ، وكفر خفى! وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) هو بيان للوصف الذي يكون عليه من يجعل ولاءه لغير المسلمين من أهل الكتاب المحادّين لله ورسوله ، المحاربين للإسلام والمسلمين ، وهو أنه من هؤلاء الظالمين ، المعتدين على حق دينه ، وحق أتباع دينه ، بخذلانهما ، ومناصرة أعدائهما .. والظلم هنا شبيه بالظلم فى قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .. لأن المسلم الذي يوالى أهل الكتاب ، ويترك موالاة المؤمنين قد حكم بغير ما أنزل الله واتبع ما يرضى هواه ، ويحقق نفعا ذاتيا له ، على حساب دينه.
قوله سبحانه : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ..
(الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هم المنافقون ، الذين ستروا نفاقهم بالدخول فى الإسلام ، والانضواء تحت لواء المسلمين ، ليتخذوا من الإسلام تجارة يتجرون بها فى سوق السحت والاختلاس .. وهذا لا يكون إلا من قلب مريض ، يستقبل كل ضلال ، دون أن يغصّ به ، أو يزورّ عنه ..