المشاعر المتجددة ، ولما أمسك بها هذا الزمن الطويل ، متشوّفة بأبصارها وقلوبها إلى غيوث رحمة الله ، ومواطر أفضاله ونعمه.
وقوله تعالى : (فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) هو عرض لتلك النهاية التي ينتهى إليها أمر هؤلاء المنافقين ، وما يؤول إليه عاقبة مكرهم وتدبيرهم .. إنه الندم والحسرة والخسران.
قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) .. هو عرض لهؤلاء المنافقين فى معرض آخر من معارض الخزي والفضيحة ، فبعد أن دعا الله سبحانه وتعالى كل ذى نظر أن ينظر إلى هؤلاء المنافقين ، ويشهد كيف يتهالكون على أهل الكتاب ، ويرتمون فى أحضانهم ، خوفا من أوهام متسلطة عليهم ـ بعد أن عرضهم الله سبحانه فى هذا المعرض الفاضح ، وتوعدهم بالخزي والخسران ، بنصر الله المؤمنين ، وبخذلان الكافرين والمنافقين ـ جاءت هذه الآية الكريمة ، تدعو المؤمنين إلى أن يديروا النظر مرة أخرى إلى هؤلاء المنافقين ، وأن يقلّبوا صفحات تاريخهم فى الإسلام ، ويتتبعوا مسيرتهم معه .. ثم ليصدروا حكمهم عليهم .. وهنا يكثر حديث المؤمنين عن هؤلاء المنافقين ، ويلقى بعضهم بعضا بما اطلعوا عليه من نفاقهم ، فتكثر فيهم القالة ، ويكثر العجب والدهش من أمرهم ، وإذا الفضيحة تجلجل بصوتها فى كل أفق ، وتتحرك بأشباحها فى كل مكان.
وليس ما حكاه القرآن من مقولة المسلمين فيهم : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) ليس هذا هو كل ما قيل فيهم .. وإنما هو مضمون ما قيل ، وصميم ما ينبغى أن يقال فى هؤلاء المنافقين .. إذ أنهم كانوا يحلفون بالله للمؤمنين جهد أيمانهم ـ أي بأغلظ أيمانهم وآكدها ـ إنهم لمع المؤمنين ، ولن يتخلّوا عنهم فى حرب أو سلم ..