هذا ، إلا النسفي فى تفسيره ، إذ يقول فى الآية : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ.) إنها لا تدل على حلّ المتعة ، والقول بأنها نزلت فيها ، وتفسير البعض لها بذلك ، غلط ، وهو غير مقبول ، لأن نظم القرآن الكريم يأباه ، حيث بيّن ـ سبحانه ـ أولا المحرمات ، ثم قال عزّ شأنه ؛ (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) وفيه شرط بحسب المعنى ، فيبطل تحليل الفرج وإعارته ، وبهما قال الشيعة.
«ثم قال جل وعلا : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) وفيه إشارة عن كون القصد لا مجرّد قضاء الشهوة ، (١) وحبّ استفراغ المنىّ ، وعليه تبطل المتعة بهذا القيد ، لأن مقصود المتمتع ليس إلّا ذاك ، دون التأهل والاستيلاد وحماية النسب ، كما أن كلمة الاستمتاع تدل على الوطء والدخول ، وليس بمعنى المتعة التي يقول بها الشيعة ..».
وعلى هذا ، فالخلاف بين الشيعة والسنة ليس فى أصل المتعة وحلّها ، فهم متفقون جميعا على أنها كانت موجودة فى عهد النبىّ ، ولكن الخلاف يجىء بعد هذا ، فيذهب أهل السنة إلى أنها نسخت ، على حين لا يقول الشيعة بهذا النسخ ، ويردّون كل خبر ورد فى هذا الشأن.
وأهل السنة إذ يقولون بنسخ نكاح المتعة إنما يستندون فى هذا إلى أحاديث تروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، عند من يقول بنسخ القرآن بالسنة المتواترة ، ومنهم يقول إنها منسوخة بالقرآن .. كما سنرى ..
فالقائلون بالنسخ بالقرآن ، يذكرون هنا أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (٥ ـ ٧ : المؤمنون). وفى هذا يقول الفخر الرازي : «وهذه المرأة ـ أي فى زواج المتعة ـ لا شك أنها ليست مملوكة ، ولا زوجة ، ويدل عليه أنها
__________________
(١) قوله : «لا مجرد قضاء الشهوة» هو خبر المصدر «كون».