قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) ـ فضح لليهود ، ولما فى قلوبهم من بغضة وشنآن للمسلمين ، وأنهم هم العدوّ ، الذين يكيدون لدين الله ، ولرسول الله ، وللمؤمنين بالله .. وفيهم يقول الله سبحانه : (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ .. هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ .. قاتَلَهُمُ اللهُ .. أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٤ : المنافقون) .. وفيهم يقول سبحانه أيضا : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (٨٢ : المائدة).
وفى قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) حماية ربّانية وحراسة رحمانية للمؤمنين ، مما يكيد لهم اليهود ، وما يدبرّون من سوء .. فالله سبحانه وتعالى ، هو ولىّ المؤمنين ، يدفع عنهم هذا الكيد ، ويفسده .. (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) وإن الله سبحانه ليتولّى المؤمنين وينصرهم ، إذا هم أخذوا حذرهم ، وتنبهوا إلى عدوّهم ، وتحصنوا من كيده ومكره ، بإيمانهم بالله ، واحترازهم من عدوّهم : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ..)!
وقوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا .. لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ) يكشف عن تلبيسات اليهود ، وموارد نفاقهم .. إنهم ينافقون بالكلمة وبالعمل معا ، تلتوى ألسنتهم بالكلمات فتزيلها عن معانيها التي لها ، وتعبث أيديهم بالعمل فتموّهه وتزيفه ، وتجعل ظاهره غير باطنه ، كما يطلى المعدن الخسيس بسراب خادع من معدن كريم.
يقولون للنبىّ بأفواههم : «سمعنا» ويقولون بقلوبهم : «وعصينا» ،