ويقولون «اسمع» بصوت مسموع ، ويتبعون ذلك بصوت خافت : «غير مسمع» يدعون على النبىّ بالصم .. ويقولون : «راعنا» أي انظر إلينا .. يقولونها فى تخابث تضطرب به ألسنتهم فتخرج الكلمة مشوّهة ، عليها شبهة الضلال الذي يجده السامع لكلمة «راعنا» بالتنوين ، صفة من الرعونة والطيش .. وهكذا يلقون النبي والمسلمين بتلك الكلمات المنافقة ، التي تلبس أثوابا من الزيف والخداع!
(وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ)! خيرا يصيبونه فى أنفسهم ، إذ يستقيم بهم على طريق الخير ، ويهديهم إلى سواء السبيل .. ولكن طبيعة القوم لا تعطى غير هذا الباطل ، ولا تنضح إلا بهذا الزّيف المنكر من القول .. إذ «لعنهم الله بكفرهم» .. (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) يستنقذه من هذا الضلال الذي يتخبط فيه ، ويلقى به فى لجج الهلاك ، وسوء المصير ..
وفى قوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) .. ما يفضح هذا الإيمان الذي هم عليه .. فهم أهل كتاب .. ومن شأن أهل الكتاب أن يكونوا مؤمنين .. وهم مؤمنون ، ولكن إيمانهم مشوب بالضلال ، متلبّس بالكفر ، فهم مؤمنون وكافرون ، ولا يجتمع الإيمان والكفر إلا فى قلب منافق ..
فالنفاق هو الوصف الذي هو أولى بهم ، وهم أحقّ به .. ولهذا كان النفاق والمنافقون ، من الصفات والسمات التي غلبت عليهم ، فيما تحدث به القرآن عن هذا الحق اللئيم وأهله ..
وفى القرآن الكريم يوصف اليهود بأنهم كافرون .. هكذا ، وصفا مطلقا .. كما يقول سبحانه : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١ : البينة) وكما يقول سبحانه :