ـ وفى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) .. هو تحريض للناس جميعا على الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة ، التي خفّف محملها ، وغلا ثمنها .. إنها كلمة واحدة : «لا إله إلا الله» فما أخفها على اللسان ، وما أطيب بردها على القلب ، وما أقوم سبيلها إلى العقل!! فهل يلتوى بها فم؟ وهل يضيق بها صدر؟ وهل يزورّ بها عقل؟ إن ذلك لا يكون إلا عن آفات تغتال فطرة الإنسان ، وتفسد كيانه.
ـ وانظر فى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)؟ لقد طلب منهم الإسلام أولا ، وهو الإقرار باللسان ، بهذه الكلمة السمحة السهلة .. ثم إنها بعد هذا كفيلة بأن تفعل فعلها فى كيان الإنسان ، وتؤتى ثمراتها الطيبة المباركة كلّ حين .. إنها هى الكلمة الطيبة التي أشار إليها الله سبحانه وتعالى فى قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) (٢٤ ، ٢٥ إبراهيم).
إنها كلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
وأنت ترى فى هذا سماحة الإسلام ، وأسلوبه الرائع المعجز فى دعوة الناس إلى الهدى .. إنه يلقاهم بأيسر السبل ، وأخفّ الأمور .. حتى إذا ذاقوا حلاوة الإيمان ، واطمأنت قلوبهم بكلمة التوحيد ، وجدوا فى أنفسهم القدرة على احتمال التكاليف الشرعية ، والوفاء بها .. إنها المدخل الذي يدخل منه الإنسان إلى الإيمان .. ثم يغرس ما شاء أن يغرس من خير ، ويجنى ما قدر الله له أن يجنى من ثمر!!
ففى سنن أبى داود عن جابر بن عبد الله قال : «اشترطت ثقيف على النبىّ