بينهم وبين ذكر الموت ، وتصوره ، وتصوّر ما بعده .. فإنّ ذكر البعث لا يجىء إلا بعد الإيمان بالموت كحقيقة واقعة ، ثم استحضاره والإعداد له ولما بعده .. فهم كما وصفهم الله سبحانه وتعالى فى قوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) (٩٦ : البقرة) .. فهم ومشركو العرب على سواء ، فى تصورهم للبعث ، فقد كان مشركو الجاهلية يؤمنون بالله ، ولكنه إيمان باهت مختلط بكثير من الضلالات ، الأمر الذي جعلهم ينكرون البعث ويقولون : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) (٢٤ : الجاثية).
وهذه الآية الكريمة تشرح قضية البعث ، وتعرضها هذا العرض المحسوس الواضح ، الذي تكاد تمسك به اليد ، ومن هنا كان العرض عاما ، يدعى إليه الناس جميعا ، مؤمنهم وكافرهم ، عالمهم وجاهلهم :
ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ) .. اسمعوا هذا النداء ، واشهدوا هذا العرض .. ثم احكموا بما ترون ..
ـ (إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) .. فانظروا أولا فى هذه الصورة ، وتابعوا سيرها ، خطوة خطوة ، لتروا كيف بدأت ، وكيف انتهت ، ثم كيف كان البدء .. وكيف كانت النهاية :
ـ (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) .. هكذا ..
ـ (مِنْ تُرابٍ ..) حيث كنتم بعض هذا التراب الذي ترون. لا وجود لكم ولا أثر يدلّ عليكم ..
(ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ..) أي ومن هذا التراب نبتت شجرة إنسانية ، هى الإنسان الأول .. ثم كان تناسلكم وتوالدكم ، كما تتوالد ، وتتناسل