الأنظار .. ثم ها هى ذى تعود بحملها ، وقد ثقلت ، وكادت تتقطع أنفاسها ، وتسقط فى اليمّ بما حملت! ولكن يد القدرة القادرة تمسك بها ، حتى تبلغ الشاطئ ، وتلقى بما حملت!
وما هذا الحمل الذي ألقت به على شاطىء الحياة؟ ومن أين جاءت به؟
إنه تلك النطفة ، أو المضغة التي أقلعت بها من الشاطئ .. ثم دارت بها تلك الدورة الطويلة ، فتخلّق من هذه المضغة هذا «الطفل» الذي هو صورة كاملة مصغرة من هذا الإنسان الذي دفع به إلى السفينة نطفة ، ثم ها هو ذا يستقبله إنسانا! وما أبعد ما بين النطفة والإنسان ، فيما ترى العين ، ويشهد العقل .. وما أقرب ما بين النطفة والإنسان فى يد الخالق ، المبدع ، المصوّر!.
ثم ما هذا الطفل ، أو ذلك الإنسان المصغر؟
إنه كائن لا يملك من أمره شيئا ..
ولكن مهلا ، فإن يد القدرة ممسكة بيده .. فانظر كيف تجعل من هذا الطفل رجلا ، كما جعلت من النطفة طفلا!
(ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ).
فها هو ذا الطفل فى يد القدرة القادرة ، تمدّه بأسباب النّماء والقوة ، يوما بعد يوم وحالا بعد حال .. وإذا هذه الكومة من اللحم المتحركة فى كيانها المحدود ، تحبو ، ثم تقفز كما تقفز الضفدع ، ثم تمشى على أربع كما تمشى الدواب ، ثم تقوم منتصبة القامة ، تمشى على رجلين .. ثم .. وثم ، وثم .. حتى يبلغ أشده وبصير رجلا ..