«والإفاضة إلى المزدلفة بالمساء ، هو السّوق لفصل القضاء!
«ومنى ، هو موقف المنى للمذنبين إلى شفاعة الشافعين ..
«وحلق الرأس والتنظيف ، كالخروج من السيئات بالرحمة والتخفيف.
والبيت الحرام ، الذي من دخله كان آمنا من الإيذاء والقتال ، أنموذج لدار السلام ، التي هى من نزلها بقي سالما من الفناء والزوال ...»
وهناك منافع عقلية ، ومادية يحصلها الحجاج عن قصد ، وغير قصد ، حيث يلتقى بعضهم ببعض وينظر بعضهم فى أحوال بعض ، وفى البلاد التي جاؤا منها ، وما فى هذه البلاد من صور الحياة ، وأعمال النّاس ، وثمرات أفكارهم وأيديهم ، وذلك فيما حملوه معهم من آثار الحياة عندهم ، وما كان لهم من جديد ومستحدث .. وبهذا يتبادلون المعرفة ، كما يتبادلون السّلع بينهم ، بيعا وشراء ، أو يتهادونها ، مودة وإخاء.
ـ قوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) .. الأيام المعلومات هى أيام الحج ، التي تتم فيها أعمال هذه الفريضة .. وهى فى أرجح الأقوال عشرة الأيام الأولى من ذى الحجة.
والذكر المراد هنا هو هذا الذكر الخاص ، الذي يكون فى أعمال الحج .. فكل عمل من أعمال الحج هو ذكر لله .. فالإحرام ذكر ، والطواف بالبيت الحرام ذكر ، واستلام الحجر الأسود ذكر .. والسعى بين الصفا والمروة ذكر .. والوقوف بعرفة ذكر ، ورمى الجمرات ذكر .. وحركات الحاج وسكناته فى أيام الحجّ كلّها ذكر .. حيث يلهج الحجيج دائما بالتلبية ، والتكبير ..
ـ وقوله تعالى : (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) هو متعلق بمحذوف دلّ عليه قوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) والتقدير ويذكروه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ..