وانحدار سريع إلى عالم التراب ، مع الهوام والحشرات!
قوله تعالى :
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ).
السلالة : الأصل ، وكأنها السلسلة التي يمتد عليها أصل الشيء ، ويصل بين مبدئه وغايته ، وهذا يشير إلى أن الإنسان قد مرّ فى أطوار كثيرة بين عالم التراب ، وسار مسيرة طويلة فى سلسلة متصلة الحلقات .. من التراب إلى الطين ، ثم من الطين إلى الحمأ المسنون ، ثم من الحمأ المسنون إلى الصلصال ، كما يقول تعالى على لسان إبليس ـ لعنه الله ـ : (قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٣٣ : الحجر) .. ثم من هذا الصلصال إلى عالم النبات .. من الطحالب .. إلى النخلة ، ثم من عالم النبات إلى الحيوان ، من الجرثومة .. إلى الإنسان ..!
وقد عرضنا لقضية خلق الإنسان فى الجزء الأول من هذا التفسير ..
قوله تعالى :
(ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ).
هو إشارة إلى أن هذا الإنسان الذي أخرجته القدرة الإلهية من بين هذا التراب بشرا سويّا ، ما هو إلا هذه النطفة التي اختصرت وجوده كله ، واشتملت على كل ما فى كيانه من قوى عاقلة ، ناطقة ، مبصرة ، سميعة ، مريدة ، فما النطفة إلا الإنسان مضمرا فى كيانها ، وما الإنسان إلا النطفة سابحا فى محيطها متحركا فى فلكها ..
والقرار المكين ، المودعة فيه النطفة ، هو الحبل المنوىّ ، الذي يمتد بين