وقد عرضنا لهذه القضية فى مبحث خاص ، تحت عنوان : «الخالق وما خلق» فى تفسير الجزء السابع عشر ، من القرآن الكريم ..
ـ وفى قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) إشارة إلى نفخة الروح فى الإنسان ، بعد أن يتخلّق ، ويتم تصويره على الصورة الإنسانية .. فهو قبل هذه النفخة كتلة من اللحم والعظم .. حتى إذا نفخ فيه الخالق من روحه ، أصبح كائنا حيّا ، ودخل فى عالم الإنسان!
ـ وقوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) هو تمجيد لله ، وتسبيح بجلاله وعظمته ، يقولها الحق سبحانه وتعالى ممجدا ذاته ، ويقولها الوجود كلّه ، تسبيحا ، وصلاة ، وحمدا للخالق المبدع المصوّر ..
قوله تعالى :
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ).
وهذه حقيقة واقعة ، يعلمها الناس ويقعون فى دائرة تجربتها .. فهى ـ والحال كذلك ـ فى غير حاجة إلى أن يخبر عنها ، ثم إذا كان لا بد من الإخبار بها ، فهى فى غير حاجة إلى توكيد ..
ولكن جاء القرآن مخبرا عنها ، ومؤكدا لها .. وذلك لأن الناس ـ وإن كانوا على علم واقع بهذه الحقيقة ـ ذاهلون عن الموت ، غافلون عنه ، حتى لكأنهم لن يموتوا أبدا .. فلقد غرّتهم الدنيا ، وألهاهم متاعها ، وشغلهم غرورها ، فكانت هذه النخسة من القرآن الكريم ، إيقاظا لهؤلاء النيام ، الذين هم فى غمرة ساهون ، والذين هم فى خوضهم يلعبون.
قوله تعالى :
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ).