فى تكذيبها لرسول الله المبعوث إليها! ثم حل بها البلاء ، وأخذها الله ببأسه .. كما أخذ من سبقها من أمم ..
ـ وفى قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) إشارة إلى هلاك هذه الأمم المتتابعة ، وزوال آثارها ، فلم يبق منها إلا أحاديث يرويها الناس عنها ، وعما كان منها ، وما نزل بها ..
ـ وقوله تعالى : (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ..) هو تهديد لمن لا يؤمن بالله من الأقوام الحاضرة أو المقبلة ، وعبرة بهذه الأمم التي هلكت بعذاب الله.
وفى التعبير هنا بقوله تعالى : (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ..) وبقوله تعالى : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) عند التعقيب على هلاك قوم عاد وثمود ـ فى هذا مراعاة لمقتضى الحال هنا وهناك ..
فهنا تهديد لقوم يدعون إلى الإيمان ، ويقفون موقفا مباعدا له ، ولكنهم لم يقعوا بعد تحت عذاب الله الراصد للكافرين .. فحسن لهذا أن تعرض عليهم صورة الكافرين ، وقد تلبسوا بكفرهم هذا الذي إذا لم يخرجوا منه ، كان مصيرهم البلاء والنكال .. وهناك ـ مع قوم عاد وثمود ـ قد هلك القوم فعلا ، بعد أن قطعوا طريقهم مع الكفر إلى آخره .. فكانوا بهذا كافرين وظالمين غير مظلومين ، إذ أخذوا بهذا العذاب البئيس ، فكان وصفهم بالظلم أنسب وصف لهم.
قوله تعالى :
(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ).
عطفت قصة موسى على ما قبلها بحرف العطف «ثمّ» الذي يفيد التراخي.