قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
الذرء : الخلق ، والإيجاد والحشر : الجمع ، والحشد.
وهذه نعمة أخرى .. الخلق والإيجاد من عدم ، ثم الموت ، ثم البعث والنشور ، والرجعة إلى الله سبحانه وتعالى ، للحساب وللجزاء ..
فالوجود نعمة ، لأنه خير من العدم .. والحشر بعد الموت ، نعمة أخرى ، لأنه حياة جديدة ، لا موت بعدها ، ووضع لكل نفس فى مكانها الذي أعدّ لها ، فى الجنة أو فى النّار ..
وإذا كانت النار شقاء على أهلها ، وبلاء ـ نعوذ بالله منها ـ فإنها مطهرة للنفوس الدنسة ، وصفل لمعدنها الصّدئ ، وشفاء لأمراضها الخبيثة!
قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
هو دفع لهذا الوهم الذي قد يتسرب إلى بعض الناس من وجود الموت ، والشك فى عدّه نعمة من بين النعم المذكورة فى هذه الآيات ..
فالموت دورة من دورات الوجود الإنسانى ، ووجه مقابل للحياة ، مقابلة الليل للنهار .. فالحياة يقابلها الموت ، والنهار يعقبه الليل .. تلك هى سنة الله فى الحياة الدنيا ، كل شىء فيها يقابله ضدّه ، كى يثبت وجوده ، ويحقق ذاته .. وهذا أمر لا يدرك سرّه ، ولا يعرف حقيقته ، إلا أصحاب العقول ، الذين يستعملون عقولهم ..
قوله تعالى :
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ..)