قوله تعالى :
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ).
[الحياة .. والموت وحتمية البعث]
هناك قضيتان .. قضية «الخلق» وقضية «البعث» ..
وإذا كان الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، لا ينكرون «الخلق» لأنه أمر واقع فعلا ، وأنهم هم أنفسهم بعض هذا الخلق ـ فهلّا سألوا أنفسهم هذا السؤال : لم كان هذا الخلق؟ أو لما ذا خلقنا؟.
وجواب واحد لا غير ، هو الذي يجاب به على هذا السؤال ، وهو أن هذا الخلق لم يكن لهوا وعبثا ، وأنهم إنما خلقوا عن علم ، وحكمة وتقدير ، لأن هذا الخلق ينطق عن حكمة بالغة ، وقدرة قادرة على كل شىء ، وعلم محيط بكل شىء .. ومن كانت تلك صفاته لا يكون منه لهو أو عبث .. ثم إن هذا النظام الدقيق المحكم ، الممسك بكل ذرة من ذرات الوجود ، أيدخل عليه شىء من اللهو والعبث؟ إنّ اللاهي العابث ، لا يتقيد بنظام ، ولا يجرى أعماله على توافق وترابط ، وانسجام ، بل يفعل ما تمليه عليه نزواته ، وما تصوره له أهواؤه!
وإذن فالناس لم يخلقوا عبثا ، ولم تجىء بهم الصّدفة ، كما يقول بذلك الماديّون والملحدون ، وإنما هم غراس غارس حكيم ، عليم ، قادر ، مدبر ..
هذه قضية .. لا بد من التسليم بها ، وفى إنكارها مكابرة فى الحق ، ومجادلة بالباطل .. ومن مقتضى التسليم بهذا أن يسلّم أيضا ببعث الإنسان بعد موته ، أو بمعنى آخر ، امتداد حياة الإنسان ، وانتقاله من دار إلى دار ، ومن عالم إلى