ما يتصل منها بالحدود ـ لم يجىء بها القرآن الكريم فى صدر السور القرآنية ، وإنما جاء بها بين ثنايا الآيات ، حيث يمهد لها بآيات قبلها ، ثم يعقب عليها بآيات بعدها .. وبهذا يجىء الحكم الشرعي وبين يديه ومن خلفه ما يدعمه ، ويوضحه.
فقوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ..)
هو أشبه بالموسيقى ، التي تتقدم موكب المجاهدين فى سبيل الله ، المتجهين إلى غزو مواقع الكفر والضلال ، إذ أن الآيات التي جاءت بعد هذا المطلع ، هى فى الواقع أقرب شىء إلى أن تكون بعثا من جند السماء ، يحمل الهدى والنور إلى هذه المواطن المظلمة من المجتمع الإسلامى ، فيبدد ظلامها ، ويكشف للأبصار والبصائر ، الطريق المستقيم إلى مرضاة الله!
وثانيهما : تسميتها بسورة «النور» .. على اعتبار أن أسماء السور توقيفى ، وهو الرأى الراجح عندنا ..
لم سميت بهذا الاسم؟
والجواب ـ والله أعلم ـ أن ذلك :
أولا : لأنها جاءت بآيات كشفت ظلاما كثيفا ، كان قد انعقد فى سماء المسلمين قبل أن تنزل هذه السورة ، وتنزل معها هذه الآيات .. وذلك أن السيدة عائشة رضى الله عنها ، كانت فى تلك الفترة موضع اتهام على ألسنة المشركين والمنافقين ، وقد أوذى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم من هذا الحديث المفترى ، كما أوذيت زوجه رضى الله عنها ، وأوذى المسلمون بهذا الذي طاف حول بيت النبوة من غبار تلك التهمة المفتراة .. فلما نزلت الآيات التي تبرّئ البريئة الصدّيقة بنت الصديق ـ انقشع هذا الظلام ، وكشف النور السماوي ، عن وجوه المنافقين المفترين ..