المطالبون بالكشف عن هذا الداء ، ثم هم مطالبون أيضا بأخذهم بهذا الدّواء الذي وضعه الله فى أيديهم ، وإنفاذ أمره فيهم .. وهذا كله من شأنه أن يجعل المسلمين جميعا حربا على هذا الداء ، وأساة لمن يصابون به ..
ففى قوله تعالى : (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ).
أولا : عزل للمؤمنين ، عن جماعة الزّناة ، الذين تحقق المجتمع من هذا الداء الذي نزل بهم ..
وثانيا : إلزام للمؤمنين ألا يقفوا موقفا سلبيا من هذا الداء الذي يتهددهم إن هم تغاضوا عنه ، ولم يأخذوا ولأنفسهم وقاية منه.
وبهذا يكون معنى الآية :
الزانية والزاني ، ها هما قد أصيبا بهذا الداء الخبيث ، وإنه لكى تدفعوا عن أنفسكم شر هذا الداء ، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ، ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، إذ لستم أنتم أرأف بالناس من رب الناس ..
وفى قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ إشارة إلى أن الجريمة ينبغى أن يكون عقابها علنا ، بمحضر من الناس ، ليكون فى ذلك فضح للجانى ، وتحذير لغيره من أن يأتى هذا المنكر ، ويقع تحت سياط العذاب ، وعلى أعين الناس!
وهذه الجريمة ينكرها الناس جميعا ، وتنكرها كذلك المدنية الغربية جهرا ، وترضى بها وعنها سرا .. وذلك لما فى هذه الجريمة من عدوان على حقوق الأزواج ، ومن اختلاط الأنساب ، وحل روابط الأسرة ، وقطع ما بين الآباء والأبناء من تعاطف ، وتراحم ، وإيثار ، وبذل يبلغ حد التضحية بالنفس ، الأمر الذين لا يكون إلا إذا ملأت عاطفة الأبوة قلوب الآباء .. وهذا لا يكون