المحصنين ، حيث لم يكن لهم ما يتحصنون به من دواعى الشهوة ، بالزواج ، الذي من شأنه أن يكسر حدة هذه الشهوة ، ويطفىء وقدتها .. فهم لهذا ـ إذا أقدموا على الزنا كانوا أقل جرما من المحصنين ، الذين من شأنهم أن يتحصنوا ويتعففوا ، وهم فى حياة الزوجية.
فهذه الإشارة بليغة من الشريعة الإسلامية ، إلى أن المؤمن ينبغى أن يكون فى حصانة من دينه ، وفى يقظة دائمة من مراقبة ربه .. وتوقى العدوان على حدوده ، فإذا غلبت المؤمن شهوته ، فى هذه الحال ، وأغواه شيطان فاستغوى ، وركب طريق الفاحشة ـ فإنه ملوم مذموم .. ولكن شتان فى هذا ، بين المحصن وغير المحصن ، فى موقف الحساب والجزاء ، على تلك الفعلة المفكرة ..
ولشناعة هذه الجريمة ، وعظيم خطرها ، فقد نص القرآن على أدنى حد يجب أن يؤخذ به مقترفها. وهو الرجم ، كما أن القرآن أمسك بهذا النص من يغلب عليهم أن يواقعوا هذا المنكر ، ويقعوا تحت العقوبة الراصدة له ، وهم غير المحصنين .. أما المحصنون فأولى بهم ألا يكون لهم موقف هنا. وألا يذكروا فيمن يذكر فى معرض هذا الأمر الشنيع.
وثانيا : إن عمل الرسول ، متمم للشريعة ، وشارح لها ، بحكم القرآن الكريم فى قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٧ : الحشر) ذلك أن الرسول لا يدخل على شريعة الله إلا بما يأمره به الله .. كما يقول تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى .. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٣ ـ ٤ : النجم)
وثالثا : أن وجوب إقامة الحد على الزاني والزانية ، لا يكون إلا إذا وقعت هذه الجريمة مستوفية أركانا خاصة ، دون أن يعلق بأى ركن منها شبهة من