وهذا هو السر فى التعبير بالظرف «إذ» بدلا من أداة الظرف الشرطية «إذا» أو «إن» كما يبدو من ظاهر النظم ..
وفى هذا ما يجعل هذا الخبر واقعا محققا ، وهو قوله تعالى : (فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) .. أي أن هؤلاء الذين جاءوا بهذا الإفك ، موسومون عند الله بالكذب.
وقوله تعالى : (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ ..) هو ظرف تقع فى حيّزه الجملة الخبرية .. وتقدير النظم هكذا : هاتوا أربعة شهداء .. وإنه لا شهداء معكم ، وإذن فأنتم عند الله الكاذبون ، إذ أنكم لم تستطيعوا أن تجدوا من يشهد على افترائكم وبهتانكم.
وفى قوله تعالى : (فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) إشارة إلى أن هؤلاء الذين جاءوا بالإفك ، ليسوا كاذبين عند الناس ، وحسب ، بل إنهم فى حقيقة الأمر كاذبون فعلا .. وهذا ما سجله الله عليهم ، ووصفهم به فقد يكون الإنسان فى نظر الناس كاذبا فى حديث تحدث به ، أو شهادة شهد بها ، وهو فى واقع الأمر صادق .. وإن لم تقم قرائن للناس منهم ، حين لم يكن معهم شاهد على بهتانهم ..
قوله تعالى :
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
أفاض فى الأمر : أي بالغ فيه ، وأكثر منه. وأفاض فى الحديث : توسّع فيه ، وجاوز الحد ..