وإن مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به ، ويزينه للناس ، هو إطلاق الألسنة بالسوء والفحشاء ، تنهش فى أعراض المؤمنين ، وتشيع الفاحشة فيهم ..
فمن أراد أن يكون فى المؤمنين حقا ، فليمسك لسانه عن لغو الحديث ، وليصمّ أذنيه عن سماع كلمات السوء والفحش فى المؤمنين ، فإنه إن لم يفعل ، واستمع إلى كلمات السوء والفحش ، ثم أطلق لسانه بها كان فى ركب الشيطان ، يجرى وراءه ، ويتبع خطواته ، مع أولئك الذين استجابوا للشيطان ووقعوا فى شباكه ..
وقوله تعالى : (لَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ..)
ما زكى : أي ما طهر ، وما خلص من الرجس ، والإثم ، وصار طيبا زكىّ النفس بعد أن تطهر ، وأزال ما علق به من ريح خبيثة بما اقترف من إثم .. فالزكاة تجىء بعد الطهر وغسل القذر ..
وهذا يعنى أن الناس جميعا هم أبناء الخطيئة ، وأنهم جميعا ـ بما ركّب فيهم من طبيعة حيوانية ـ معرّضون للزلل ، وللوقوع فى الخطايا والآثام ..
كما يقول الرسول الكريم : «كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون» ..
ولكن الله سبحانه وتعالى بفضله ورحمته بعباده ، قد جعل لهم مطهّرا يتطهرون به من آثامهم التي تعلق بهم ، وهم على طريق الحياة .. وذلك عن طريق العبادات والطاعات والقربات .. فالصلاة مثلا ، هى مطهرة لما بين الفريضتين. كما فى الحديث : «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهنّ ما لم تغش الكبائر» وقد شبهها الرسول الكريم بنهر جار ، يغتسل فيه المصلى