إلى أن طلب الإذن فى هذا الأمر الجامع ، وإن كان مباحا ـ فإن تركه أولى وأفضل ، إذ أن فيه إيثارا على النفس ، وتضحية بالخاص من أجل العام ، ومع هذا ، فإن الذين يستأذنون ويأذن الرسول لهم ، قد شملهم الله بمغفرته ورحمته ، إذ أمر رسوله أن يستغفر لهم الله ، والله غفور رحيم .. وهذا من سماحة هذا الدين ويسره ..
قوله تعالى :
(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ..)
الدعاء : الأمر الذي يحمل دعوة ، أو الدعوة التي تحمل أمرا.
يتسللون : أي ينسحبون فى خفاء ، من غير أن يشعر بهم أحد.
اللّواذ : الفرار طلبا للسلامة والعافية.
والآية تحت المسلمين على الامتثال لأمر الرسول الكريم ، والاستجابة لما يدعوهم إليه ، من غير مهل ، أو تردّد .. فليست دعوة الرسول للمسلمين ، مثل دعوة بعضهم لبعض ، حيث يكون للإنسان الخيار فى أن يجيب دعوة الداعي أو لا يجيب ..
إن دعوة الرسول ، هى أمر من أمر الله ، ليس لمؤمن ولا مؤمنة الخيار فى هذا الأمر ، وإنما عليه الطاعة والامتثال .. والله سبحانه وتعالى يقول :
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٣٦ : الأحزاب)
ودعاء الرسول هنا ، هو دعاء إلى الجهاد فى سبيل الله ، وهو أمر ملزم لكل