النبىّ برأيه ، وتحول بالمسلمين إليه .. فكان المنزل المبارك ، الذي هبت على المسلمين ريح النصر منه!!
فمخالفة الرسول هنا ليست لمجرد المخالفة ، وإنما هى للنصح للمسلمين ، أو لنصح المرء لنفسه ولدينه ، حتى لا يكون فى صدره حرج مما يؤمر به! وبذلك تطيب نفس المسلم ، ويسلم له دينه ، ويتضح له طريقه ، ومن هنا يقوم بينه وبين معتقده ألفة وحب ، حيث لا يدخل عليه شىء لم يرضه ، ويعتقده ، عن إيمان واقتناع ..
قوله تعالى :
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
بهذه الآية تختم السورة الكريمة ، مضيفة هذا الوجود كله إلى الله سبحانه وتعالى ، الذي أوجده ، وأقامه على سنن ، وأخذه بنظام حكيم ، لا يتخلف عنه أبدا. والإنسان هو بعض ما لله ـ هو جزء من هذا الوجود .. وهذه الأحكام والشرائع التي سنها الله سبحانه وتعالى للإنسان ، وبين له فيها الطريق الذي يسلكه ، والطرق التي يجتنبها ـ هى من سنن هذا الوجود ، وفى خروج الإنسان عن أمر الله خروج على هذه السنن ، وانحراف عن الوضع السليم الذي يجب أن يكون عليه ، الأمر الذي يعرّضه للعزلة عن هذا الوجود ، ويلقى به بعيدا عن دائرة الأمن والسلامة .. ومن هنا يجىء شقاؤه فى الدنيا والآخرة جميعا ..
وفى قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) تحذير للمخالفين لله ، الخارجين على سننه ، المتمردين على أوامره تحذير لهم من عقابه الراصد ، وعذابه الأليم .. لأنه سبحانه يعلم كل شىء ، ويعلم من الإنسان ما يخفى وما يعلن ، وما هو عليه