من صلاح وفساد ، وطاعة وعصيان ، واستقامة وانحراف .. وقد هنا ، للتحقيق والتوكيد ..
ـ وقوله تعالى : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) هو جواب لسؤال يرد على الخواطر ، بعد الاستماع إلى قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) ، وهو : ما وراء هذا العلم الذي علمه الله سبحانه وتعالى من الناس وأعمالهم؟ ـ وفى قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا). إشارة إلى جواب هذا السؤال ، وهو أنهم سيحاسبون على هذه الأعمال ، كبيرها وصغيرها ، فى الدنيا والآخرة .. أما فى الدنيا فيكون الحساب والجزاء من غير أن يحضروا هذا الحساب ، أو أن يعرفوا سبب هذا الجزاء الذي يجزون به .. وأما فى الآخرة ، ويوم يرجعون إلى الله فينبئهم بما عملوا ، حيث يرون كل ما عملوه حاضرا ، فيعرف كل عامل ما عمل ، وما لعمله من ثواب أو عقاب .. كما يقول سبحانه : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٦ ـ ٨ الزلزلة) وكما يقول جل شأنه : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ..) (١٣ ، ١٤ : الإسراء).
وهذا هو بعض السر فى الانتقال من الخطاب : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) إلى الغيبة: (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا ..) وكان النظم يقضى بأن يجىء هذا المقطع من الآية الكريمة هكذا : «ويوم ترجعون إليه فينبئكم بما عملتم» .. وذلك لأن الخطاب بعلم الله سبحانه وتعالى بما عليه الناس من خير أو شر ـ هو خطاب عام ، موجه إلى الناس جميعا .. أما قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) فهو موجه إلى المكذبين بهذا اليوم ، الذين لا يرجون لقاء الله ، ولكن على طريق الإيماء ، وذلك بتوجيه الحديث