يأتمرون فيما بينهم ، ليتفقوا على الكيد الذي يكيدون به لرسول الله ، ولآيات الله.
ـ وقوله تعالى : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) هو بدل من الضمير فى (أَسَرُّوا) .. أي أن هؤلاء الذين أسرّوا النجوى ، هم ظالمون ، قد ظلموا أنفسهم بعزلها عن موارد الهدى ، وقطعها عن مناهل الخير ..
ـ وقوله تعالى : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ .. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) هو بيان لما تناجى به القوم ، وأتمروا فيما بينهم على اصطياده ، من واردات أوهامهم ، وضلالاتهم .. (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)؟ وإذا كان بشرا مثلنا فكيف يكون له هذا المكان الذي يطلّ عليكم منه ، من هذا العالم العلوىّ؟ (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)؟ وإذا فكيف نقبل على أنفسنا أن نجىء إلى هذا الخداع ونحن نراه رأى العين؟
وهل يليق بعاقل أن يرى من يدعوه إلى ختله ، ولا يحتيال عليه ، ثم يأتيه طائعا؟ هكذا يريدون هذا اللّغو ، ويسمرون به!
قوله تعالى :
(قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
قرىء : «قل ربى يعلم القول فى السماء والأرض».
وعلى كلتا القراءتين ، فإن الآية ردّ على ما تناجى به المشركون وأسرّوه .. حتى إذا أحكموا نسجه ، أعلنوه فى هذا القول المنكر : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ .. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) .. وأن الله سبحانه يعلم ما أسروا وما أعلنوا ، فهو سبحانه يعلم كل ما يقال فى السماء والأرض ، وهو (السَّمِيعُ) الذي يسمع نجوى القلوب ، (الْعَلِيمُ) الذي يعلم ما تكنّ الضمائر .. (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٣ : الملك).