«سبحانك .. لا أحصى ثناء عليك .. أنت كما أثنيت على نفسك» .. والثناء على الله سبحانه ، من ذاته ، أو من مخلوقاته ، في هذا المقام ، إنما هو شعور بعظم المنّة العظيمة ، التي كانت بنزول القرآن ، وما في هذا القرآن من رحمة ، وهدى للعالمين ..
ـ وقوله تعالى : (الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) ـ هو وصف لله سبحانه وتعالى ، يكشف عن بعض إحسانه وفضله ، الذي استحق به التمجيد ، والتبريك ..
ـ وفي قوله تعالى : (نَزَّلَ) بدلا من «أنزل» إشارة إلى أن ما نزل على النبىّ من آيات ربّه ، لم ينزل جملة واحدة ، وإنما نزل نجوما مفرّقة .. وذلك لحكمة عالية ، كشف عنها سبحانه وتعالى في ردّه على الكافرين والضالين ، الذين قالوا : «لو لا نزّل عليه القرآن جملة واحدة؟» فقال سبحانه : (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً* وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) (٣٢ ـ ٣٣ : الفرقان).
وفي تسمية القرآن «فرقانا» إشارة إلى أن ما يحمل القرآن من هدى ونور ، يفرق به العاملون به ، بين الحقّ والباطل ، والخير والشر ، والهدى والضلال ..
ـ وفي قوله تعالى : (عَلى عَبْدِهِ) تكريم للنبىّ الكريم ، وإدناء له من ربّه ، بإضافته إلى ذاته سبحانه وتعالى .. ووصفه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالعبودية لله ، رفع لمقامه وتشريف لقدره ، وأنه هو الإنسان الذي يستحقّ هذه الصفة وحده من عباد الله ..
فلم يذكر القرآن الكريم عبدا من عباد الله ، أو رسولا من رسله ،