مضافا إلى الذات العليّة إلا «محمدا» صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه ..
لقد جاء وصف العبد لعيسى عليهالسلام ، ولكن غير مضاف إلى ذات الله ، فقال تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩ : الزخرف) وجاء وصف زكريا بأنه عبد ، وقد أضيف إلى ضمير الذات ، ولم تطلق هذه الإضافة ، بل قيّدت بذكر اسم زكريّا .. فقال تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٢ : مريم).
وبهذا لم تخلص له الإضافة على إطلاقها ..
كذلك أضيف كثير من الأنبياء بصفة العبودية ، إلى ضمير الذات ، ولكن قيّدت هذه الإضافة بذكر أسمائهم ، بعدها ، كما في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) (٤١ : ص).
وقوله سبحانه : (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (٤٥ : ص).
وأكثر من هذا ، فإن «محمدا» صلوات الله وسلامه عليه قد تكرر ذكره في القرآن الكريم ، مضافا إلى ذات الله سبحانه وتعالى بوصف العبودية ، ولم تقيّد هذه الإضافة في أية مرة ، بذكر اسمه ، أو صفته بعدها ، بل ترسل الإضافة ، هكذا في كل مرة ، على إطلاقها ، وذلك مما يؤكّد المعنى الذي ذهبنا إليه ، وهو إفراد «محمد» صلوات الله وسلامه عليه ، بهذه المنزلة بين عباد الله جميعا .. وأنه عبده ، الخالص من بين العبيد جميعا.
ومما يؤيد هذا المعنى ، ويؤكده ، أن إضافة محمد إلى ربّه ، بصفة العبودية ، لم يكن إلا في أحوال خاصة ، وصل فيها النبىّ إلى أعلى مقامات القرب من ربّه.